الحديث عن المرأة، مهما اختلفت نواحيه وتباينت مناحيه حديث لذيذ يسترعي الأسماع، ويستلفت الأنظار، ويستهوي الأفئدة، وهو حديث، لا نكون بعيدين عن الصواب إذا ما قررنا بأنه يلذ للمرأة اكثر مما يلذ للرجل، ولاسيما إذا كان صادراً عن الرجل نفسه، فهي تتلهف شوقاً إلى الاطلاع على ما يضمره فؤاده وما يكنه ضميره، وهي تبذل ما ملكت يمينها وما لا تملكه يمينها لاستماع حديثه عنها، سواء أكان هذا الحديث مدحاً أم قدحاً، ثناء أم ذماً؛ بل ربما كانت إلى استماع حديث الذم والقدح اشد شوقاً وأقوى رغبة منها إلى حديث الثناء والمدح!
ذلك لأن المرأة كانت ولا تزال، وستبقى ما بقيت المرأة، سراً غامضاً كلما خيل للرجل أنه توصل إلى سبر غوره، واجتلاء حقيقته، أسلمه هذا السر إلى سر آخر، وهكذا حتى يقف مكتوف اليدين، مطأطئ الرأس معترفاً بعجزه مقراً بضعفه.
ومن اجل هذا كان التضارب بين آراء الفلاسفة، والأدباء والشعراء، كل يصفها كما عرفها بنفسه؛ ففريق يقول بأنها ملاك تذيع السلام وتنشر الوئام، وفريق آخر يقول بأنها شيطان تسبب الأحزان والأسقام، وتثير الأضغان والخصام، فينهض الفريق الثالث، فيعارض الاثنين بقوله، إنها بين بين!.
ولقد كان فقيدنا الكبير يعتقد بسمو منزلة المرأة ويؤمن بإخلاصها إخلاصا تاماً يحملك على الإيمان بالسعادة الزوجية التي كانت تهيمن في جو بيته، حتى انه ليؤثر أن يبقى بدون ذرية على أن يجرح عاطفة زوجه بالبناء على غيرها.
والمرأة في اعتقاده، لا تقل عن الرجل ذكاء وفهماً وإدراكا، فهي أهل للحفاوة والتكريم، جديرة بالاحترام والتعظيم.