للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٣ - بين القاهرة وطوس]

من همدان إلى طهران

للدكتور عبد الوهاب عزام

ثم مررنا بكنكاور بعد ساعتين من كرمانشاهان. وهي قرية صغيرة بها آثار معبد قديم. وبعد ساعة مررنا بقرية أسد آباد، وهي قرية السيد جمال الدين الأفغاني، وبها بعض قرابته. كذلك اخبرني بعض الثقاة. ويقول الأفغانيون إنه من أسد آباد القريبة من مدينة كابل. وكذلك اخبر السيد عن نفسه. ومهما يكن فقبيح أن تتنازع رجال الإسلام العظام عصبية الأقوام والبلدان. فقد كان المسلمون أمة واحدة لها موطن واحد هو دار الإسلام، والسيد جمال الدين عربي هاشمي حسيني، ولكنه كما قال الشاعر:

أبيِ الإسلامُ لا أب لي سواه ... إذا افتخروا بقيس أو تميم

فنحن بني الإسلام والله واحد ... وأولى عباد الله بالله من شكر

فإن أراد المسلمون أن يفترقوا أقواما وبلدانا وشيعا، فلا يظلموا أسلافهم العظماء بزجهم في هذا المعترك، فقد كانوا اعظم نفوسا وأسمى أفكارا من أن تحيط بهم عصبيات اللحوم والدماء، والأرض والبناء.

وأسد آباد قرية أسسها أسد بن ذي السرو الحميريفي زعم الرواة، وهي على مرحلة من همذان إلى الجنوب والغرب منها، في حضيض جبل ألوند (جبل أسد آباد)، وكانت منزلا كبيرا على الجادة العظمى بين بغداد وهمذان، وكانت في العهد الإسلامي إلى عصر المغول غنية رائجة التجارة، كثيرة السكان، نشأت كثيرا من العلماء. وهي اليوم قرية صغيرة. وعندها كانت الموقعة الكبيرة بين السلطانيين السلجوقيين محمود بن محمد بن ملك شاه وأخيه مسعود سنة أربع عشرة وخمسمائة. وعلى ثلاثة فراسخ من أسد آباد أبنية ساسانية تعرف في الكتب العربية باسم مطابخ كسرى.

ثم ارتقينا جبل أسد آباد، وهو جبل شامخ فسيح، تتراءى بين قممه وأوديته مناظر جميلة جليلة، محبوبة هائلة، رأيناه وقد ذبلت أعشابه ورياحينه وأشجاره. وقيل لنا في الربيع يبدوفي حلل رائعة من الأزهار مختلفة الألوان، لا يعرى منها مكان في القمم والأودية، وترى الطرق جدائد على سفح الجبل، تتمعج فيها السيارات صاعدة وهابطة، وقد عد سائقو

<<  <  ج:
ص:  >  >>