هل كنت أريد مهادنة لوعتي التي أهاج مدامعها مقالكم المؤثر البليغ بمناسبة الأربعين (في حزن المليك الطفل) حين لجأت إلى ديوان نفيس، لشاعرتي العزيزة أيلا هويلر ولككس، ساعة أن انتهى إلى العدد الأخير النفيس من (رسالتكم) العالية!! وهل كانت المصادفة الرحيمة هي التي طالعتني لأول ما فتحت الديوان بهذه القصيدة وأجرت القلم بترجمتها في الحال، رجاء مغالبة تلك الحسرات العصية التي ما برحت تغلب الجلد وتغذي الجزع، حتى كادت تسد سبيل الصبر، وتصرف عن مواطن الرشد، وتذهل عن سنة الله في خلقه، والدهر في أهله، مذ مضى الملك الشهيد (غازي الأول) فرع الأرومة الزكية، والقائم من منصب السؤدد في الذروة العلية، ذاك الذي غادر قلب العروبة ينعى مهجته، وجعل أمل المحامد يبكي بهجته. وكيف يعزى المصاب من لم يدع لهم المصرع الأليم والخسارة الفادحة فؤاداً يتجلد في وجه الشجون، لندرة الرجال في هذا الشرق الجديب المحزون؟!
أقول هل كانت المصادفة العجيبة، مدداً رحيماً للتماسك عن عزم في النفس لا عن يأسي، بل تذكرة نافعة تلجئ إلى الاقتناع بأن الأسوة في بعض الأمور قد تكون سلما إلى التأسي. . . إذا عجز العزاء وأعيا المعزي. . . على أنه سبحانه المسؤول أن يكتب لآلاف القلوب المكلومة عزاء جميلا، وأجراً على التصبر جزيلا، وأن يعزى بطول بقائكم دولة الفضل والكمال، ويسكب على الفقيد الشاب العظيم سحائب الرحمة والرضوان بمنه وكرمه.
(الزهرة)
يقول الموت:
لِمَ ترتاع من إيذان قدومي، وتتقبض من ارتقاب زورتي أيها الإنسان؟ ولِمَ تهطع مستطيراً مروّعاَ حين آتي لأقبضك إلى رحمة الله وأنتقل بك إلى دار القرار؟ لم تفرّ من أمامي