(بعض الألفاظ إذا نطقت بها تتحرك لها في نفسي دنيا كاملة!)
١ - الإيمان
أعجب لفنان لا يؤمن وهو دائماً يقلب حواسه في الطبيعة!
إلا يحس الربط الجامع بينها وبين قلبه؟
أهو يعجب إن رأى صنعه إنسانية تحاكي نماذج الطبيعة، ولا يعجب من النماذج الحية نفسها، التي تقذفها الأرحام وتنفتح عنها الأكمام، وتنسجها ظلمات الأرض، وتصبغها أضواء السماء؟
ألا يعجب من يقظة القوانين الدائمة الصيانة للذرة والمجّرَّة وما بينهما؟
أنا أدعو كل ملحد إلى شيء واحد: أن يعيد النظرة مرة ثانية في أبجدية الحقائق، وأن يستحضر روح طفل يفتح عينه لأول مرة على الحياة فيرى فيها كل شيء جديداً: الحياة الماثلة في الطبيعة المجردة لا في الطبيعة (المحفوظة في علب) كما يعبر الأستاذ توفيق الحكيم
أدعوه أن يترك الألفاظ الاصطلاحية التي ساقها الجدليون وأهل الخلاف، فدخلت إلى فكره واحتلته وخنقت الأصوات الطبيعية التي تنبعث فيه منادية إلى الأوليات والمبادئ الفطرية دائماً. بل إني أدعو كل ذي لب وقلب: أن ابتدئ حياتك! كن طفلاً من جديد. . . أنظر إلى الدنيا بعين ريفي أبله فوجئ بزينة المدينة. . . إنس ألفاظ الناس وتعاليمهم. إن كثيراً من معلوماتك دخلت إليك وأنت قاصر لا تميز الخبيث من الطيب. إنهم خدعوك في الحق وخدعوك في الباطل. فليس كل الحق عندك حقَّاً، وليس كل الباطل كذلك. . . وقد بنيت أحكامك بعد أن كبرت واستقللت على أشياء لم تتأكد من صحتها ولم تخبرها بكل عقلك وإلهامك. فأعد النظر في كل شيء تظفر بلذة عظمى: لذة انكشاف حقيقة نفسك ودنياها لك
لقد أتى (ديكارت) أبو الفلسفة الحديثة بالعجب العجاب حين أعاد النظر في نفسه ودنياها