البَريُد الأدَبي
أين العلوم في (الرسالة)؟
يسأل الأستاذ عبد المنعم العزيزي الأستاذ أنور المعداوي: (أين العلوم في مجلة الرسالة) في حين أن هذه المجلة تحمل هذا الشعار: (مجلة أسبوعية للآداب والعلوم والفنون).
لا تلومن الرسالة يا سيدي لأنه إذا كانت كبرى المجلات المخصصة
للعلوم قد انمسخت وخلعت عنها ثوب العلم لكي تكتسي ثوباً فضفاضاً
ملوناً مزخرفاً لا يمت إلى العلم بشيء، فلا غبار على الرسالة إذا
أقتصرت على الأدب لأن فرسان الأدب كثار والأدب أقرب منالاً من
العلم. وإذا كانت المجلة الموسومة بالعلم لم تخصص عُشر صفحاتها
لمقالة علمية واحدة لأن بين قرائها عشرة بالمائة على الأقل يفهمون
العلم ويودونه، فلا بدع أن تحرم الرسالة ١٠ بالمائة من قرائها من
قطرات العلم مع أن في قرائها ٢٠ و ٣٠ بالمائة من أهل العلم
ويتوقون إلى الاطلاع على ما يستجد من النظريات العلمية؛ فإذا
خصصت الرسالة في كل عدد ٤ أو ٦ أو ٨ أعمدة لبحث علمي تكون
قد أتمت رسالتها وبزت غيرها.
في معظم ما تصدره مطابعنا من دوريات ورسالات وكتب لا تحيد عن الأدب، ومعظمه أدب قديم نلوكه ثم نتقيؤه وقد نتقيؤه زنخاً، وليس في دور العلم إلا المؤلفات التعليمية للمدارس وطلاب العلم.
ما من مدنية قامت على الأدب وحده. وقد يمكن أن تقوم مدنية على العلم وحده. إن مدنية العالم الحديثة قامت على العلومالطبيعية والكيماوية والرياضية والفلكية والطبية الخ. فإذا شئنا نحن أن نبني في شرقنا العربي مدنية خاصة بنا يجب أن نحذو حذو أوربا وأميركا في العناية الأولى بالعلوم، وإلا فنحن وراء وراء وراء. ولا يمكن أن تتقدم إلى الأمام.