للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الفلسفة الشرقية]

بحوث تحليلية

بقلم الدكتور محمد غلاب

أستاذ الفلسفة بكلية أصول الدين

- ١٩ -

الديانة الفارسية

الزرادشتية ومصدرنا عنها

ليس لدى الباحث عن الديانة (الزرادشتية) إلا مصدر واحد، وهو كتابها المقدس: (زند أفيستا) الذي وإن كان لم يتم جمعه إلا حوالي القرن السادس بعد المسيح إلا أنه قد أحتوى على جزء عظيم يدعى (جاتها ياسنا) وهو الذي يرجح جميع العلماء أنه كلام (زرادشت) نفسه ويرجعون تاريخه إلى القرن السابع أو العاشر قبل المسيح على ما اختلفوا في وجود النبي الفارسي كما أسلفنا. وما ليس من كلام (زرادشت) من هذا القسم هو - في رأي الكثرة المطلقة من الباحثين - يمثل (الزرادشتية) الأولى حق تمثيل، ويصح أن يعتمد عليه في تاريخ العصر الأول من عصور هذه الديانة. وهذا القسم قد وجد مكتوباً بلغة قديمة ترجع إلى ذلك التاريخ الذي عينه العلماء.

الميتافيزيكا

يجد الباحث في قسم (الجاتها) أن (زرادشت) أرجع جميع آلهة العهد القديم إلى إلهين أثنين: إله الخير (أهورا مازدا) أو (هور مازاد) أو (هرموز)؛ وإله الشر أو الكاذب أو الرديء، وهو الذي سيسمى فيما بعد بـ (أهرمان) في رأي المحققين. ولكن هذه التثنية ليست على علاتها، ولم تكن تثنية بمعناها الصحيح، لأن الإله الذي خلق الكون هو (أهورا) أما (أهرمان) فلم يكن له عمل إلا إيجاد شبه ظل من الشر لكل خير يخلقه (أهورا) وهو وإن كان أزلياً كمازدا، لأنه توءم رديء له إلا أنه ليس أبدياً مثله، إذ هو سيفني عندما يتغلب الخير على الشر فيمحوه من الوجود. أما رفعته عليه فهي ثابتة بنص الكتاب المقدس الذي

<<  <  ج:
ص:  >  >>