كنت كلما سمعت النشيد الوطني المصري:(بلادي بلادي) أحول ذهني إلى فكرة بعيدة حين تكرار اللازمة فيه وهي:
(تعيش بلادي ويحيا الوطن)
كان يؤلمني أن أسمع مثل هذا التركيب الغريب في مبناه ومعناه ولا أفهم كيف يتغنى شعب هو في طليعة النهضة العربية بمثل هذا الشطر وفيه العيش شيء والحياة شيء آخر، وفيه البلاد شيء والوطن شيء آخر!
ثم مرت الأيام فإذا هذه اللازمة مسبوكة في قالب آخر تنشدها الجماعات والأفراد ويتغنى بها الأطفال هكذا:
(تعيش بلادي ويحيا الملك)
لا أعلم كيف وقعت هذه القافية على آذان الشعراء والموسيقيين لأول ما سمعوها، بل لا أعلم كيفْ كتبها من أقرها دون أن يتمرد القلم على يده أو تتمرد أعصابه على أذنه!
أين القافية المماثلة لكلمة (مَلِك) في النشيد نفسه أو في أية قصيدة نظمت منذ قرت الأبيات على قواف؟
أما أنا فقد رأيت سبابتيَّ تسدان أذني عندما سمعت هذه اللازمة فترحمت على اصلها
ولا أزل حتى الآن أتألم كلما سمعت هذا القرار الناشز في نشيد الوطن؛ ويخيل إلى أن حورية شعري تبسط ذراعيها هاتفة:
(يعيش مليكي ويحيا الوطن)
فهل يقرّ إخواني هذا التصحيح لتأخذ به وزارة المعارف فتنقذ النشيد وتحمي ذوق الناشئة من الانطباع على رطانة قراره؟
في بريد الولايات المتحدة أن قرينة الأستاذ جيمس آرجويت توفيت منذ أمد قريب تاركة، بوصيتها لجامعة هارفرد، مائة وخمسين ألف دولار يتصرف بها أستاذ يعين لتدريس اللغة العربية واستخراج ما في كتبها خدمة للعلم في الديار الأمريكية
ليعلق المفكرون على هذا الحدث، كل بما توحي إليه عقيدته. ليقل البعض إن ما أبقاه