ومن بين علماء النفس الألمان الذين ساهموا بنصيب في دراسة الفروق السيكولوجية بين الأفراد ووضع مقاييس للذكاء كريبلين وكانت مقاييسه لاختبار سرعة الإدراك أن يطلب إلى المختَبر (بفتح الباء) أن يعُدَّ بأسرع ما يمكن حروف الكاف (ك) الموجودة في مقالة، أو أن يضع بقلم الرصاص علامة على كل حرف (راء) في قطعة مكتوبة، أو أن يعرض على المختبر قطعة مطبوعة بها بعض الأغلاط الإملائية أو الحروف الساقطة ويطلب إليه أن يوجد مواضع الأغلاط والحروف المفقودة. كذلك وضع اختبارات لقياس الذاكرة الرقمية ليكشف الحد الأعلى من الأرقام التي تستطيع أن تستعيده ذاكرة الفرد إذا عرضت هذه الأرقام مدة خمس عشرة ثانية مثلاً، واختبارات أخرى لقياس القدرة على تذكر الكلمات (الفارغة) مثل: غضذ، ثظ، قصخ خخق الخ، وغير هذه الاختبارات التي أسفرت عن أن لكل فرد خواص عقلية وذوقية تميزه عن غيره. ولكن كريبلين أدركه اليأس حينما ساقه البحث إلى أنه لا يوجد تلازم مطرد بين نتائج هذه الاختبارات المختلفة للفرد الواحد. وقد حكم من عدم اطراد التلازم أنه لا يمكن الاعتماد على مجموعة هذه الاختبارات في قياس الذكاء. وهو يقول في ذلك:(إننا لا نستطيع أن نخفي عن أنفسنا أن النتائج التي وصلنا إليها بعد هذه الاختبارات والبحوث الطويلة لم تحقق ما كنا نتوقع من وضع مقاييس مضبوطة للذكاء، تقاس بها العمليات العقلية البسيطة).
كان لتقدم علم النفس التجريبي في أواخر القرن التاسع عشر أن ظهر علم النفس التطبيقي وفكر العلماء في كيفية الاستفادة من نتائج قياس الفروق السيكولوجية بين الأفراد، ومعرفة الخواص العقلية والجسمية والخلقية لكل فرد للاستفادة منها في المهن والصناعات، وكانت غايتهم هي أن يختاروا لكل مهنة الفرد الصالح لها، أو كما يقولون ومن الغريب أن أول من قام بتجارب الاختيار المهني هو مهندس ميكانيكي أمريكي لا علاقة له بعلم النفس، يسمى تيلور كان موظفاً في شركة لصنع العجلات. وكانت في مصنع العجلات مهنة فنية تحتاج إلى أفراد سريعي الرجع (رد الفعل). وقد اختبر المائة والعشرين فتاة المشتغلات في هذه المهنة فوجد أن عدداً كبيراً منهن بطيء الرجع، فاضطر إلى فصل