للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

الشعر الجديد

اطلعت في الرسالة (عدد ٥٥٣) على مقال للأستاذ المحقق الثبت (* * *)، وعنوانه (طاقات ريحان، هدية إلى شعراء في هذا الزمان)، أودعته طرائف مما قاله بعض بلغاء المتقدمين وشعرائهم في صفة الشعر البهرج، والنظم الغث والقريض المهلهل.

فهاج هذا المقال الممتع في نفسي ما كنت أضمره من رأي، وأحرص ألا أبوح به، ولو لخلصائي، والمطلعين على دخيلة آرائي؛ خشية أن أرمي (بالرجعية)، والتخلف عن القافلة الجادة المرقلة؛ وخشية أن أجاهر - فوق ذلك - بقصور الفهم، وكلالة الذهن؛ وبأنني أعيش في عصر غير عصري، وأتعلق بما لا يتأتى أن يتعلق به مثلي.

وطالما كتبت في هذا الموضوع ثم عدلت عما كتبت. وكنت منذ قريب صنعت فيه مقالة، ثم حملتها إلى (الرسالة). وإني لفي الطريق إذ تنازعتني عوامل متضاربة، وفكر متعاكسة، دفعتني آخر الأمر إلى النكوص.

هذا هو موقفي. وأعتقد أنه موقف كثير من حملة الأقلام. وإلا فأين النقاد؟ أين من يقول هذا حسن وهذا قبيح؟ وهذا جيد وهذا زائف؟

إنهم يتوقون هؤلاء القارضين الذين إذا صاح بهم صائح أو نهرهم ناهر، أو كشف عن مواطن جهلهم كاشف، عووا عواء الذئاب، وانتاشوه بألسنة حداد. ونزقوا ولبثوا ليالي ونهرا متأوهين متأففين، يلعنون النقد والناقدين)

وهكذا استشرى شر هؤلاء المتشاعرين، وقويت شوكتهم، وتسنى لهم في مصر وفي غير مصر من البلاد العربية أن ينعتوا (بالمجددين)، وأن يلجوا أبواب الصحف المحترمة التي تحفل بالأدب، وأن يصلوا منها إلى موضع التشريف والتكريم

فكنت كلما وقعت على شيء من مقصداتهم اندفعت إليه مشوقا؛ لعلي أصيب منه طريفاً؛ أو أفيد منه معنى شريفاً، أو أظفر بما تهش به النفس وتقر العين

أو لعلي - بعد ذلك - ألمح فيه شيئاً من (التجديد) الذي به يتشدقون، وعليه في تدجيلهم يتوكئون - ذلك التجديد الذي لا أدري ما هو؟ ولا كيف هو؟ وإنما الذي أدريه أنه لفظ لاكته الألسن منذ نحو ثلث قرن. وأدري أيضاً أنه لفظ جنى على اللغة والأدب جناية أي

<<  <  ج:
ص:  >  >>