في أوائل القرن الهجري الحاضر كان يقيم في باريس جماعة من التلاميذ المسلمين الذين نزحوا من بلادهم لأجل العلم والتثقف، وكان يقيم بها أيضاً عالم مسلم من أهل الجزائر اسمه (سليمان بن علي)
توجه هؤلاء التلاميذ المسلمون إلى هذا العالم الجزائري المسلم يسألونه عن حكم لبس قلنسوة النصارى (البرنيطة) ويذكرون أن أحوال باريس تضطرهم إلى لبسها، لأنهم كلما مروا في شوارع باريس بلباسهم، توقف الناس عن يمين وشمال، وصاروا ينظرون إليهم متعجبين، ولأنهم يريدون أن يمنعوا عيونهم من ضرر البرد القارس في هذه البلاد. . . الخ
درس الشيخ هذا السؤال، ووضع في الجواب عنه رسالة مفصلة سماها (أجوبة الحيارى، عن حكم قلنسوة النصارى) أباح فيها لبس البرنيطة وأيد بما وسعه أن يؤيده به على طريقة فقهية سائغة
أفزع ذلك عالماً كبيراً من علماء الأزهر في ذلك الحين هو المرحوم الشيخ محمد عليش مفتي السادة المالكية فكتب رسالة في الرد على هذا العالم الجزائري تناوله فيها بألوان من الإقذاع والتسفيه، ووصمه بالجهل، والقصور، والتهجم على الشريعة، والخروج على إجماع المسلمين. . . الخ
وهذه نصوص من الرسالة (العليشية) نضعها أمام القراء،
قال الشيخ بعد الديباجة:
١ - (أقول: يأهل الذكاء تعجبوا ممن كان عيبه مستوراً، ففضح نفسه، ونادى به عليها بين الناس وصير عيبه مشهوراً، وبيان ذلك أنه تقرر في شريعة الإسلام أن السفر لأرض العدو للتجارة جرُحة في الشهادة، ومخل بالعدالة، فضلاً عن توطنها وطول الإقامة بها، وهذا الرجل (يقصد الشيخ الجزائري) كان مجهولاً مستوراً فعرف بنفسه بأنه من علماء المسلمين خرج عن حد الشريعة وتهتك، ولم يبال بالجرحة في شهادته، ولا باختلال عدالته، واختر مساكنة الكافرين في ديارهم، وزهد في مساكنة المسلمين وفسيح بلادهم. فيالها من فضيحة، وما أفظعها من وقيحة! ولم يشعر بها من شدة حماقته وكثافة جهله، وشدة غباوته. . .)