في هذا الموضوع ناحية شخصية طريفة، وطرافتها تغريني بالثرثرة؛ فإني لا أرى الآن موضوعاً علمياً، وإنما أرى أمامي شخوصاً وأسماء وصنوفاً من النفسيات تكون مجموعة مسلية فخمة. ومع ذلك، فسأتنكب هذا الجانب البديع، وأتكلم كلاماً علمياً سيكولوجياً تكون فائدته أعم وأوقع
أجل، من أهم الموضوعات الاجتماعية مسألة:(سيكولوجية الأديب)
ولما كان الأدب فرعاً من الفن، كان الكلام الصحيح هو عن سيكولوجية الفنان. ومقال اليوم يتناول سيكولوجية الفنان المصري، لأن للفنان المصري طابعاً خاصاً به لا تجده في غير مصر، وللثقافة الفنية في مصر طرقا لا تجدها في غيرها من البلاد
ولمَّا كان الجسم والنفس وحدة متماسكة، فإن أمراضهما متصلة، وإن كانت في الجسم أعضاء تتأثر أكثر من غيرها. وفوق ذلك، فإن للأدباء المصريين أمراضاً خاصة بهم وحدهم.
نبدأ الآن بالتحدث عن نفسية الأديب المصري:
الأديب المصري يندر أن يكون رجلاً طبيعياً، فإننا إذا نظرنا إلى الحياة وتعريفها، ثم إلى الأدب وتعريفه وخصائصه، تبين صحة ما نقول
ما هي الحياة؟
أصدق تعريف لها أنها تفاعل بين عوامل خارجية تتكون من البيئة والظروف والعادات والتقاليد؛ وعوامل داخلية تتكون من العناصر التي بتفاعلها وتطورها وتماسكها أدت إلى المجموعة التي اصطلحنا على تسميتها (بالشخصية). الحياة (ميزانية) بين دخل وخرج. الحياة موازنة بين قوتين وملائمة بين دافعين، وكل ما يعتري الحياة من اعوجاج أو شذوذ، أصله اضطراب في ميزان التفاعل، وأصل ذلك الاضطراب اختلال في عنصر من العناصر الداخلية أو الخارجية
وإذا سَّلمنا أن الدوافع الخارجية متساوية بالنسبة لنا جميعاً، سَّلمنا كذلك أن الاختلال أكثره داخلي أي في ذواتنا، وفي صميم أنفسنا. ولنراجع الآن أهم العناصر الداخلية في النفس