سلام الله ورحمته وبركاته عليك، وهنيئاً لك هذا البدء السعيد لحياة أرجو أن تكون طويلة مباركة حافلة بالعمل والنشاط والإنتاج إن شاء الله!
أتدرين ممن تلقين هذا الكتاب؟ إنه من أخ لك لم تلده أمك الشابة الحسناء، المشرفة على ضفاف النيل بالجيزة الفيحاء، ولكن ولده عمك أو جدك (الأزهر)! ذلك الشيخ العجوز الرابض تحت سفح المقطم منذ ألف عام. . . أريد أن أهنئك من قلب مخلص صادق لم يداخله الحسد، ولم يكدره التعصب، بما تلقينه من عناية بك، واهتمام بأمرك. . . ثم أشكو إليك ما أتجرع أنا من غصص الضعف، وما أذوق من ذل الغربة وويل الشتات!
أنت الآن - أيتها الأخت - في فترة من الزمان تغبطين عليها: لم تبتدئي بعد عامك الدراسي الأول، وأرى الدنيا عليك مقبلة، والأيام عنك راضية، والدولة إليك دائلة!
أنت كالعروس المدللة الأثيرة عند أهلها: يعدون لها، ويتطلعون إلى يوم جلوتها، ولا يدخرون وسعاً في سبيل إرضائها، وتهيئة الحياة السعيدة المترفة الناعمة لها. . . وأهلك أغنياء كرماء قد عرفوا الحياة وأدركوا أسرارها، ومرنوا على السير فيها بخطوات ثابتة جريئة متوالية، حتى احتلوا المكان الأول، ونالوا الحظ الأوفر، وتركوا الخاملين المتخلفين من ورائهم، يكادون يتميزون غيظاً ويموتون غماً!
هذه وزارة المعارف كثيرة الحركة دائبة النشاط: قد حشدت قواها، وعبأت رجالها: تجتمع لجانها، وتنعقد مجالسها، وتكتب تقاريرها، وتؤلف فيها الهيئات الفنية وغير الفنية، ويسهر وزيرها، ويدأب في السعي مستشارها، وتشتغل الصحف والمجلات ودار الإذاعة بأمرها. . . وكل ذلك من أجلك أنت - أيتها الأخت - السعيدة! ومن قبل شغل المجلسان في دار الندوة بهذا الأمر: تقبلاه بقبول حسن، وأقراه في مثل لمح البصر، وأوسعا له في البذل والعطاء، ولم يضنا عليه بالحر من المال، والعالي من المناصب، والرفيع من الدرجات. . . فأسعدي - يا أخت - بهذا العطف، واهنئي بهذه الرعاية، واستمتعي بمجد آلك،