كتبت في العدديين ٨٦٥و ٨٦٦ من (الرسالة) الغراء قصة (خيانة امرأة) وهي قصة سمعتها بقلب يهتز من أثر الصدمة وعيتها بفؤاد يضطرم من أثر الفجيعة، وحفظتها في عقل يختلج من أثر الحيرة؛ ثم ظللت أياماً أنازع عنها الرأي وأدفع عنها القلم وأدع عنها الخيال؛ شفقة على صاحب القصة أن يراها مسطورة بين يديه فيرى فيها - دائماً داء قلبه وأذى روحه، فلا يتسرب إليه النسيان؛ فتكون كلماتي غذاء يتأرث به ضنا روحه، وحطباً تتوهج به لوا عج نفسه. ولكن صاحبي كان يلح في أن أهديه إلى الرأي الذي عزب عن فكره، وأن بالصواب الذي ندّ عن عقله، فأهبت بصاحبي وأحبائي من قراءة (الرسالة) أن يعينوه بحل فيه الصواب والعقل، فتدفق على فيض من رسائلهم وفيها آراء أعرض بعضها هنا، لي الأسلوب والأداء، ولأصحاب الرسائل الرأي.
كتب الأديب عبد الفتاح إسماعيل القبيبي بفرشوط بعد مقدمة طويلة من التحايا الطيبة الشكورة يقول:
. . . والحق إني قرأت قصة (خيانة امرأة) فأحسست بعقلي يختنق، وشعرت بصدري ينقبض، وشملني هم ألح علي أياماً فما استطعت أن أجد ربح الحياة الطيبة أو أحس نعيم الهدوء الجميل، فضاقت علي نفسي. واستشعرت كلماتك تساقط على كبدي شواظاً من نار يسلبني القرار والعقل، فظللت حيناً مستلب اللب مأخوذ الرأي لا أثبت على فكرة، ولا أستقر على خاطرة. فما بال صاحبك وهو قد وجد لذع المصيبة في قرار قلبه وأحس مس النكبة في أغوار نفسه، ورأي المرأة التي حباها بالهوى والحب، وخصها بالحنان والعطف، وفضلها على كثير من ذوي قرابته، وعق في سبيلها أباه وأحفظ أهله. . . رآها تثلم شرفه في عبث وضيع، وتخدش كرامته في استهتار حقير، فلا عجب إن جاءك ينثر عبرات قلبه بين قلبه يديك الرفيقتين وينفض أتراحه أمام روحك المتألقة؛ فهو غريق أعوزه الملجأ فنفر عله يتفيأ ظل عقلك، ومحترق أعجزه المهرب ففزع نحوك يستلهم الهدى من قلبك. فالتمس له عذراً. . . أو، لا. . . فهو كان يعلم أن صاحبته عاشت في دار أبيها تنعم بالحرية التي