[نظام التربية والتعليم بإنجلترا والعناية بالنظر في]
[أخلاق الشعب وتقاليده]
للأستاذ محمد عطيه الأبراشي المفتش بوزارة المعارف
يجب أن يعني نظام التربية بالنظر في أخلاق الشعب وتقاليده، وفي الصفات السائدة بين الأمة، وألا يكون ضد العادات القومية. كل هذه الأمور قد لوحظت في التعليم بإنجلترا؛ فان الصفات والأخلاق التي تعرف بها بين الأجناس البشرية معروفة منذ أجيال، متأصلة فيها كل التأصل. يقول (بيتر ساند يفرد): (الرجل الإنكليزي مولع بالمنافسة، يحب من صميم فؤاده الرحلات والسياحات. ولا يستطيع أحد الاستقرار في إنجلترا إلا من كان يميل إلى المنافسة، وإن هذا الميل إلى حب التنافس لا يظهر للناظر العادي، لأنه مغطى بطبقة كثيفة من المندوء العقلي.) والرجل الإنجليزي يمقت النظريات والتفكير في النظريات، ويجب أن يقبض على الأمور العملية في الحياة، ويحلها وهو سائر في عمله. ويقول (بيتر ساند يفرد) أيضاً: (إن الرجل الإنكليزي يُرى هادئاً، وهو في حاجة إلى قوة الخيال، ومن الصعب أن تؤثر فيه، فهو كالفحم الحجري الصلب يتقد ببطء، ولكن حينما يتقد يحترق إلى النهاية.) ولدى الرجل الإنجليزي قوة كبيرة على كتمان شعور، ويمكنه أن يمتلك نفسه، وهو شديد المحافظة على القديم، يحب الحرية الشخصية فوق كل شيء، ولقد قاتل في سبيل تلك الحرية أكثر من ألف سنة؛ ويقول (ساند يفرد) في موضع آخر: (الرجل الإنجليزي هادئ من الجهة العقلية، ولديه حب عميق للحرية، ولقد كانت هاتان الصفتان سبباً في اتخاذه سياسة البطء، لا في السياسة فحسب، بل في التعليم كذلك.) وهو منعزل بطبيعته، يحب العزلة والوحدة، لا يحادثك إلا إذا تعارف بك. وقد يكون هذا الانعزال ناشئاً عن الحياء والخجل، وإذا حادثك فلا تخرج محادثته في الغالب عن الجو، والجو لحسن الحظ كثير التغير والانقلاب بإنجلترا، فمن اعتدل في الطقس إلى ضباب أو مطر، أو برودة، أو عاصفة أو رعد وبرق. وإذا زالت الكلفة وذهب الخجل تحادث معك في أي موضوع كالخيالة والتمثيل، والألعاب الرياضية، والموضوعات الأدبية والاجتماعية. . . يتجنب الأمور الشخصية؛ فلا يسألك عن مقدار ما يمنحك أوبوك في الشهر، ولا عن مقدار ما تنفقع أو تدفعه للسني أسبوعياً - كما يسأل الفضوليون حينما يرونك أو يعرفوك أول مرة.