كأن كلمة الشباب مقصورة الدلالة على الطلاب. كأن الذين هم في ربيع العمر من الموظفين والمحامين والأطباء والملاك لا يعنيهم الأمر إذا وجهت دعوة إلى الشباب. فقد دعت الرسالة الشباب إلى أن يديروا بينهم الرأي فيما يهيئ الأمة إلى العهد الجديد من توفير سلامة الجسم وتقريب وسائل الثقافة وترقية أساليب الإنتاج وتكوين رأي عام صحيح وصريح يتشاور في بناء الهيكل القومي على أساس الخلق والدين والعلم والتعاون، ويتجاوب في كل حادث بالصوت المتحد الذي ينبه الغافل ويحذر المغتر ويكون سياجاً للأمة من جمحات الأهواء وطغيان النفوس. تحرك هذه الدعوة الطيبة كرام الطلاب ثم شغلهم الاستعداد للامتحانات عن توسيع المناقشة فيها ودراسة الوسائل إليها، وانتظرنا من غيرهم أن يلجوا هذا الميدان الإصلاحي، أو يعملوا على تزويد الداخلين فيه، فلم نسمع صوتاً ولم نشعر بحركة، كأن أصحاب الوظائف وأرباب الأعمال يظنون أن واجبهم ينتهي عند عتبة الديوان، وأماهم يقف على باب المكتب؛ أما العمل التعاوني القومي فأمره بين شيوخ الحكومة وشباب الجامعة.
أنا أحد الذين حددت آمالهم وأعمالهم الوظيفة، ولكني أشعر أن الإنسان المثقف والوطني الصادق لا يسمح لنفسه أن يمثل في يقظة أمته فتور النعسان أو جمود الكسلان فيكتفي بقراءة الصحف في القهوة ومناقشة الأخبار في الطريق. المسألة مسألة تجنيد عام لمحاربة عوامل الضعف التي فشت فينا من تغير الزمان وفساد الحكم، فيجب أن يؤدي كل منا واجبه الوطني في الميدان الذي يستطيعه. والموظفون وهم ألصق الناس بالجمهور يستطيعون أن يؤدوا واجبهم على الوجه الأكمل فيرشدون الجاهل، ويعاونون المتعلم، ويضربون للناس الأمثال في إخلاص العمل وتقدير المسئولية وسلامة الضمير ومراعاة المصلحة. والذين يتصلون منهم بالفلاحين من أطباء ومهندسين ومعلمين يتسع أمامهم مجال الإصلاح فيكونون رسل سلام ودعاة خير وناشري ثقافة، فإلى إخواني الشباب والموظفين أوجه هذه الكلمة وأرجو أن يكون لها صدى في نقاباتنا وأنديتنا ومكتباتنا، يبلغ كل أذن ويهز كل قلب فنجيب دعوة الداعين ونعمل مع العاملين.