شغلتنا العلة والرحلة عن أن نسجل جهود المسرح المصري في العام الماضي، فقد كان عاماً خصباً موفور الإنتاج كثير النشاط يمتاز امتيازاً واضحاً ملموساً عن الأعوام القريبة السابقة، ولعل مرد ذلك إلى التنافس القوي الذي احتدم بين الفرقتين اللتين كانتا فرقة واحدة هي (الفرقة القومية المصرية) ثم انقسمت - كما ينقسم كل شيء عندنا - غلى فرقتين هما (الفرقة المصرية)(فرقة المسرح المصري الحديث)
أما الأولى فقوامها من رجال المسرح الأقدمين، وأما أخراهما فقوامها شباب جديد يدرجون على المسرح لأول مرة وهم أصحاب مذهب آخر واتجاه آخر يعاير كثيراً ما يذهب إليه رجال الفرقة الأولى.
والمسرح هو - كما يعلم القراء - الصورة المهذبة المشذبة للحياة، وهو أرفع أنواع الفن والأدب، بل هو على الأصح جماع عدد كبير من الفنون والآداب، فالحديث عنه إنما هو حديث عن الحياة والأدب والفن جميعا، وأرجو أن يأتي اليوم الذي أرانا فيه نقتتل ونتخاصم ونختلف حول رواية من الروايات كما بفعل الأوربيون في نواديهم وأحاديثهم وصحفهم.
ولقد دأبت الفرقة الأولى - وأعني بها الرقة المصرية التي كان يتولى أمرها الأستاذ يوسف وهبي - دأبت كشأنها دائما على تقديم ما خفت مؤونته من الروايات المترجمة التي رآها الناس أكثر من مرة فكان ذلك مها إفلاساً كبيراً وقصوراً معيباً، اللهم إلا عدداً آخر من الروايات كان الأستاذ يوسف وهبي فيها هو المؤلف والمخرج والممثل جميعا! وليس من عجب في ذلك ولا من غرابة فكلنا يعلم أنه.
ليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد!
نعم. . . كان الأستاذ يوسف وهبي دكتاتورا متصرفا في كل الأمور، بل إن دكتاتوريته امتدت في كثير من الأحيان إلى أعمال بعض المؤلفين الذين تتقطع نياط قلبه دون أن يبلغ شيئا مم بلغوه، وأشير هنا على سبيل المثال إلى الجرأة التي ارتكبها هذا الرجل في وراية