للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بريطانيا وممتلكاتها الحرة]

للأستاذ عبد الفتاح البارودي

لا تزال شركات الأنباء العالمية توافينا بآراء غريبة لساسة البلدان التي تسمى ممتلكات بريطانيا الحرة حول المسائل السياسية الكبرى. ووجه الغرابة - ولو في إذهابنا وتصوراتنا - هو أن وجهة نظرهم لا تتقيد مطلقا بوجهة نظر ساسة إنجلترا ذاتها، أي قد تختلف معها، وهذا مما قد يتنافى منطقيا مع مجرد تبعيتها لها. لذلك يبدو من المهم لنا ونحن في فترة نضج سياسي أن نلقى بعض الضوء على النظام البرلماني في الإمبراطورية البريطانية من هذه الناحية:

من المصطلح عليه أن النظام البرلماني البريطاني من أكثر نظم الحكم السائدة الآن نجاحا بدليل انه في خلال الثلاثة قرون الأخيرة لم يحدث أي انقلاب برلماني في الإمبراطورية الشاسعة الأرجاء، بينما حدثت انقلابات كثيرة، بل ثورات دموية أحيانا في كثير من أقطار العالم، ومن بينها أقطار صغيرة المساحة والممتلكات والشعوب. ولا شك إن معظم هذا النجاح راجع إلى الصلات السليمة الوثيقة بين بريطانيا وممتلكاتها الحرة لسببين بسيطين:

الأول: إن شعوب هذه الممتلكات تمت غالبا إلى اصل بريطاني، ولذا تهدف بالفطرة لغرض واحد هو الصالح الإمبراطوري العام.

والثاني: أن إنجلترا تفهم معنى الحرية الرأي بين شعوبها، فأتاحت لها حكومات نيابية لا تقل قوة وقيمة وممارسة عن حكومة الدولة، وتشرف عليها جمعيات عمومية منتخبة على هيئة برلمانات تشبه مجلس العموم كذلك، وتقوم بأعمال مماثلة لأعماله ولها وسائلها الخاصة وأغراضها وذاتيتها المستقلة عنه، ولا ترتبط معه إلا بعلاقات استشارية متبادلة.

غاية ما في الأمر أن هذه العلاقات وطيدة ومحترمة، واهم من ذلك انهم يعملون جميعا على رعايتها وصيانتها وتنميتها بإخلاص لا حد له.

وليس أدل على ذلك من انهم - تحقيقا لهذا - انشئوا لجنة دائمة تمثل كل أطراف المملكة المتحدة اسمها الجمعية البرلمانية الإمبراطورية تسير طبقا للائحة عامة وهي المرجع الوحيد لكل ما يتصل بالممتلكات الحرة. ومن الغريب أن هذه اللائحة التي تنظم الروابط بين وحدات الإمبراطورية ليس لديها القوة التنفيذية التي تجبر أي وحدة منها على

<<  <  ج:
ص:  >  >>