إنه ليسعدنا حقاً أن يكون قريباً ذلك اليوم الذي نشعر فيه من جمهرة كتابنا أنهم أحلوا الابتكار محل المحاكاة وأبدعوا فيما يكتبون إبداعاً فيه غناء وإغناء للأدب العالمي العام
الدكتور منصور فهمي
مجلة مصرية
كان حديث الدكتور منصور فهمي في مجلة المصرية ذا شجون، فقد تناول فيه الأدب العربي الحديث والأدباء بالنقد اللاذع، وصورهم بصورة المقلد المفتون، وعراهم من أردية المجد التي اكتسوها بعد الكفاح الطويل.
وأنا وأن كنت إلى حدّ ما أؤيد الدكتور في أن أدبنا الحالي أدب تقليد ومحاكاة لا أدب ابتكار وإبداع، فأني أخالفه في تحديد أدب المحاكاة عندنا وفي قيمة هذا الأدب، ثم لا ألقي اللوم كله على الأدباء أنفسهم، لأن الدوافع إلى المحاكاة كما سيرى القارئ قريباً أقوى من أن يغلبها الكاتب اللبيب.
كان كلام الدكتور عن الأدب عاماً وشاملاً كل أنواعه، ولكن من الظلم ونحن نلصق طابع التقليد على أدبنا الحديث أن نغفل طائفة خاصة من الكتاب برعت في الابتكار وأعني بها كتاب المقالة. فالمقالة خطت في الأدب العربي الحديث خطوات واسعة وأصبحت تتحدث في موضوعاتها الخاصة وأهدافها القريبة حديثاً وصل حد الابتداع عند كثير من الكتاب وها هي ذي المقالة العربية في مصر لا تقل عنها في البلدان الغربية إن هذه المقالات التي تقدمها إليك الصحف والمجلات تحركك معها إلى حيث تريد من حيث لا تريده أنت، وتفهمك مطالبها بكل وضوح، هي فخر الأدب الحديث. وكثيرون لدينا برعوا في حيل الإقناع وفي مفاجأة القارئ واللعب به وبكل ما يجعل للمقالة العربية مجدها وشخصيتها. إلى هنا يقف أدباؤنا عن الابتكار، وما بقي من أنواع الأدب العربي أكثره خلو من الابتكار، ولكن خلوه من الابتكار لا يعني فقره في الإجادة ودقة الإنتاج، فأدب المحاكاة أدب قائم بذاته له قيمته وفائدته، وله - وهذا ما نريد الإشارة إليه في هذا المقال - أو انه، ولابد للأدب