في صباح الخميس الماضي نُعي الإمام الجليل والعالم المحقق الشيخ محمد شاكر، فشق نعيه على المسلمين والعلماء وأهل الأدب؛ فقد كان - رحمه الله - رجلاً من رجال الجيل، وعلماً من أعلام الدين، وداعية بعيد الصوت صريح القول قوي البرهان.
ولد المرحوم الشيخ محمد شاكر في مدينة جرجا، في منتصف شوال سنة ١٢٨٢ (مارس ١٨٦٧)؛ وحفظ بها القرآن، وتلقى مبادئ العلم؛ ثم رحل إلى الأزهر فتلقى العلم عن كبار الشيوخ في ذلك العهد، وعين أميناً للفتوى مع الأستاذ الجليل المرحوم الشيخ العباسي المهدي في مارس سنة ١٨٩٠. وفي فبراير سنة ١٨٩٤ تولى منصب (نائب محكمة مديرية القليوبية، ومكث به حتى اختير قاضياً لقضاة السودان في سنة ١٩٠٠؛ وهو أول من ولي هذا المنصب، وأول من وضع نظم القضاء الشرعي في السودان على أوثق الأسس وأقواها، وله في هذه الفترة تاريخ عجيب لا يُذكر مثله لغير علماء الصدر الأول في الدولة الإسلامية.
ثم عين في سنة ١٩٠٤ شيخاً لعلماء الإسكندرية فوضع الأساس لتنظيم المعاهد الدينية الإسلامية كي تؤتي ثمرها وتخرج للمسلمين رجلاً هداة يعيدون للإسلام مجده في أنحاء الأرض.
وفي إبريل سنة ١٩٠٩ صدرت الإرادة السنية بتعيينه وكيلاً لمشيخة الجامع الأزهر فبذر فيه بذور الإصلاح، وتعهد غرسه حتى قوى واستوى، أو كاد. . .
ولأمر ما لم يستمر في منصبه ذاك فاختير عضواً في الجمعية التشريعية في سنة ١٩١٣، واعتزل منصبه في مشيخة الجامع الأزهر
ومن يومئذ خرج المرحوم الشيخ شاكر من قيد الوظيفة إلى ميدان الجهاد الحر - في سبيل الله وفي سبيل مجد الإسلام.
فكانت له في الصحف مقالات رنانة ما يزال صداها يتردد بين أقطار العربية.
ولما نهضت الأمة المصرية نهضتها الكريمة في سنة ١٩١٩، كان من دعاتها الأولين ومن أشهر قوادها فكتب في الشئون السياسية عشرات من المقالات في الصحف المصرية، دلت