عهد إلي (رينيه كلامار) أن أقتل الوقت مع (ميني)، لأنه يريد أن يقضي أمراً يقصيه عنها نحو نصف الساعة. فأخذنا نسير في طريق اللوفر. وعلى حين غرة تركتني ميني مسرعة إلى الناحية الأخرى من الشارع لترى صندوقاً زجاجياً مستطيل الشكل وضع أمام حانوت لبيع أدوات صيد السمك.
وكانت الأسماك الذهبية تسبح في الماء الصافي الذي امتلأ به الإناء. وكأنها من شدة فرحها لا تعرف بحراً خضماً أعظم من هذا الصندوق الزجاجي
وقالت ميني بعد أن صفقت بيديها:
(يا إلهي، ما أجملها!)
ودنوت أنا منها. ووافقتها على ذلك، وفي صوتي نبرات الجد، قائلاً:
(نعم، إنها جديرة بأن تحوز إعجاب الناس.)
فنظرت إلي ميني نظرة ناقد وقالت:
(ما هذا التعبير: جديرة بأن تحوز إعجاب الناس؟ أنه لا يقال إلا لما يصنعه الإنسان بيده سواء أكان هذا صوراً أم شعراً كالذي يتكلم عنه أصدقاؤك. وكذلك يمكن أن يقال هذا عن الثياب. . . .)
ولكني قاطعتها بقوة من يريد الفصل في الموضوع:(لابد لي أن ألفت نظرت إلى أن رينيه كلامار وأنا وغيرنا - وهنا أخذت تنظر إلي كمن يتفرس في معرفة الأشياء - ذكروا أكثر من مرة أنك جديرة بأن تحوزي إعجاب الناس، ومع ذلك فأنت لست من صنع إنسان)
(وابتسمت ميني شاكرة، ولكنها أجابت في منطق معكوس: (ولكني على أي حال لست سمكة)
فتشبثت برأيي وقلت:
(على أني قلت إن هذه السمكات جديرة بأن تحوز إعجاب الناس، لأنها سمكات غير حقيقية، هي سمكات تقليدية.)