قرأت ما كتبته الآنسة الفاضلة (أمينة شاكر فهمي) وظنته رداً علي، وهو في الحقيقة تأييد لي. وسأثبت لها ذلك بعد أن آخذ عليها هذا الاستفزاز الذي يحرك النفوس الجاهلة إلى الثورة على كل جديد ولو كان نافعاً، ويجعلها تقف في سبيل الإصلاح ولو كان حقاً
تقول الآنسة الفاضلة:(لقد تتبعت بشغف واهتمام مقالات الأستاذ الفاضل (أزهري) عن تيسير قواعد الأعراب إلى أن تم بحثه في عملية التيسير والتغيير، فدهشت جداً لما جاء في مقاله الأخير من تطبيق، وما كنت أظن أن موجة التبديل والتحوير تطفو يوماً على اللغة وتمسخها بهذا الشكل الذي ينكره كل مخلص للعربية. نعم إننا نعيش في عصر السرعة التي وفدت إلينا من أمريكا، ولكن غريب أن تطغي السرعة على قواعد اللغة والأعراب فتختصره بهذه الصورة المدهشة التي يقدمها الأستاذ (أزهري) في بحثه الأخير، فقد اختصر وحذف منه حتى كدت لا أتعرفه، وخيل إلي أنني أقرأ لغة أجنبية. وغريب أن يتأثر الأزهريون بحياة السرعة الأجنبية فيستعملوها حتى في اللغة وهم حماتها من كل اعتداء!)
فما هذا الاستفزاز من آنستنا الفاضلة وهي لم تنقض حرفاً واحداً مما قلت؟ بل أنها تشهد بأني جئت بدراسة في تيسير قواعد الأعراب تكاد تكون قيمة لو لم أناقض نفسي بنفسي وأزد في تعقيد الأعراب، وكان من السهل عليها لو تأملت قليلاً أن تدرك أنه لا تناقض فيما جئت به من ذلك ولا تعقيد
وستجد الآنسة الفاضلة في عدد الرسالة الذي نشر فيه مقالها رداً قيماً للأستاذ الجليل (ساطع الحصري) على خلطها بين اللغة العربية وقواعد إعرابها، وظنها أن في الاعتداء على قواعد الأعراب اعتداء على اللغة نفسها، فاللغة العربية شيء وقواعد اللغة العربية (الأعراب) شيء أخر، لأن اللغة بوجه عام تتكون تحت تأثير الحياة الاجتماعية.
أما قواعد اللغة فتتولد من البحوث التي يقوم بها العلماء، وتتبدل بتبديل النظريات التي يضعونها، فهي من الأمور الاجتهادية التي يجب أن تبقى خاضعة لحكم العقل والمنطق