كانت الذكرى الأولى لوفاة المغفور له الأديب الكبير الأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني، يوم الخميس الماضي الموافق ١٠ أغسطس الحالي، وقد احتفلت أسرته بهذه الذكرى كما تحتفل أية أسرة بفقيد لها أما الهيئات الأدبية والثقافية رسمية وغير رسمية فلم تهتم إحداها بذكرى الأديب العظيم، ومتى اهتم أحد بذكرى أديب من أدبائنا الراحلين؟ وهكذا صارت ذكرى المازني في عداد الذكريات المنسية في مصر!
كأن لم يكن المازني أحد أركان النهضة الأدبية في العالم العربي الحديث، فإذا مات انحسر ذكره وأصبح كل ما هو جدير به في ذكراه الأولى أن تنشر بعض الصحف أن الأسرة الكريمة ستحتفل بهذه الذكرى في منزلها رقم كذا بشارع كذا، وانتهى الأمر. . .
ولكن كأني بالمازني يطيب نفساً - في عالمه الآخر - بهذا الإهمال، فهو يؤكد رأيه في الناس ونظرته إليهم وسخريته بما يصطنعون من مظاهر في حياتهم، وكأني به أيضاً غير لائم ولا عاتب لما يشيع في أدبه من روح التسامح والميل إلى تحليل الأعمال وكشف البواعث دون التشبث بالحكم عليها فقد كان ساخراً وكان الوقت نفسه رحيماً عطوفاً. وكان لا يبرئ نفسه مما يقع في الناس ولا يعفيها مما يوجه إليهم من سخرية واستخفاف.
كان المازني من أكثر أدبائنا خصباً وأصالة، ويبدو لنا من دلائل أصالته الأدبية أمران:
الأول ظهور شخصيته وحياته في أدبه، فلم يفن مشاعره في محصول عقله من الاطلاع والدراسات، بل نراه على عكس ذلك استخدم هذا المحصول وبثه في الحديث عن حياته ومضطربه فيها. وقد كان يتواضع أو يتفكه فيشبه نفسه بعربة الرس التي كانت تملأ لتفرغ، ولم يكن كذلك، إلا أن يمتلئ إحساسه ووجدانه بما يفيض به، أو إلا أن يتناول ما يهضمه ويتمثله فيتحد بما يملأ نفسه من خواطر يثيرها حوله من شئون الحياة.
الأمر الثاني هو أسلوبه في الكتابة، ذلك الأسلوب الذي يجمع البيان العربي الحر إلى دقة التعبير عن الحياة العصرية، فكان يرفع التعبير الدارج إلى ذلك البيان، فيأخذ هذا من ذاك نبض الحياة، كما يكتسب الأول من الثاني جمال الأداء. كان المازني يركب التعبير الفاره