بلغ الرافعي الشاعر مبلغه بعد سنة ١٩٠٥، ونزل منزله بين شعراء العصر، وجرت ريحه رُخاءً إلى الهدف المؤمل، فامتد نظره إلى جديد. . . .
وأخذ الرافعي يروض قلمه على الإنشاء، لعله يبلغ فيه مبلغه في الشعر، فأنشأ بضع مقالات مصنوعة فتنتْه وملكتْ إعجابه فتهيأ لأن يصدر كتاباً مدرسياً في الإنشاء، سماه (ملكة الإنشاء) يكون نموذجاً للمتأدبين وطلاب المدارس يحتذون فنَّه وينسجون على منواله، ووعد قراءه أن ينتظروه في غلاف الجزء الثاني من ديوانه؛ وأحسبه كان جاداً فيما وعد، لولا أمور نشأت من بعد وصرفته عن وجهه، فظل الوعد قائماُ بينه وبين قرائه حتى نسيه ونسوه.
ولا أحسب أن شيئاً ذا بال قد فات قراء الرافعي بعدم نشر هذا الكتاب؛ وحسْب الأدباء والباحثين في التاريخ الأدبي أن يقرءوا من هذا الكتاب الذي لم ينشر مقالات ثلاثاً نشرها الرافعي في الجزءين الثاني والثالث من ديوانه، وفي الجزء الأول من ديوان النظرات؛ إعلاناً ونموذجاً لكتابه؛ فإن في هذه المقالات الثلاث كل الغَناء للباحث، تدله على أول مذهب الرافعي في الأدب الإنشائي، وطريقته ونهجه
الجامعة المصرية
قلت: إن الرافعي كان جاداً فيما وعد بإصدار كتابه (ملكة الإنشاء) لولا أمور نشأت من بعد وصرفتْه عن وجهه؛ فهذا كان يوم إنشاء الجامعة المصرية في سنة ١٩٠٧، وكان أمرها هو ما يشغله.
كان قد مضى على الرافعي يومئذ عشر سنين في مدرسته التي أنشأها لنفسه، وكان فيها المعلمَ والتلميذ، يدرس ويطالع ويتعلّم، لا يرى أنه انتهى من العلم إلى غاية؛ وما كان