ونعود بعد ذلك إلى قصيدتنا فنكشف ما فيها من سمات الشعر الجديد بقدر ما يطيقه قلمي الضعيف. فمنها:
اضطراب الوزن
وشعراؤنا المجددون لا يأبهون بأوزان الشعر كثيراً. . . هم ينظمون كما تهديهم الفطرة فإن جرى نظمهم على أوزان الشعر فيها. وإن حادوا عنها ووجدوا من يلومهم أخذتهم العزة فراحوا يعنفون هذا الأسلوب العتيق - مراعاة الوزن وينادون بتحرير الشعر من هذه القيود الثقيلة التي اصطنعها الأقدمون
وإذا كان الشاعر - علي شرف الدين وهو من الذين درسوا العربية وراضوا عروضها وقافيتها يهمل الوزن فأحر بسائر شعرائنا الشبان أن يكونوا أكثر منه إهمالاً له
مطلع قصيدته (أين الطريق)
ملِّ الرحيل معفَّرٌ ... أودى به حظ الأديب
وهي كما ترى من (مجزوء الكامل) ووزنه (متفاعلن) أربع مرات. وقد اختل الوزن فيها مرتين. الأول في قوله:
لن تشهدي مني السرور على الشروق ولا البكاء على الغروب
فإنه كرر (متفاعلن) خمس مرات. والأخرى كذلك أيضاً في قوله:
كأنما للغمط والحرمان من أبنائها حظ الأديب
تناقص المعاني
ويحدث هذا في أشعار القوم، لأنهم لا يقصدون إلى هدف في نظمهم. وإنما هي أفكار تروح وتجئ، وتشرق وتغرب على غير هدى. ولقد يخيل إلى أن الشاعر منهم يشرع في نظم قصيدته وما في نفسه غاية أو هدف فما يزال يلفق البيت والأبيات من الشرق ومن الغرب حتى تستوي له قصيدته. ولئن سألته ماذا يعني وأيا يريد لتسلل لواذاً ما يلوى على شيء.