للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مقدمة لكتابه (عقيدتي)]

برتر أند رسل

الفيلسوف الإنجليزي المعاصر

للأديب عبد الجليل السيد حسن

ذهن عجيب جبار، ينشد الوضوح في كل شيء لا يقبل إلا ما يرضاه عقله ويهديه إليه فكره، وتفكير حر إلى أبعد حدود الحرية. طالما أفزع الدولة بل العالم. وجريء غاية الجرأة يقول ما يعتقده حقا وما يراه صواباً، وإن أحفظ عليه نفوساً كثيرة وأثار على شخصه عاصفة هوجاء، أدت به إلى السجن وأفقدته كرسيه في الجامعة، ولكنه لم يبال، وعاطفة زاخرة جياشة بجانب هذا التفكير العقلي البحت؛ فهو لا يعيش في برجه العاجي لا صلة له بالواقع، فحينما يرى شباب أو ربا يساق إلى الحرب استجابة لرغبة حفنة تنتفع من الحرب وتعيش على (الموت)، يلقى نفسه رداء الفكر المجرد، لينزل بعاطفة قوية عنيفة، يحارب الحرب ويصرخ أن قفوا هذه المجزرة. وإنسان صبور جلد، لا يهدأ له بال ولا يقر له قرار، لا يمل العمل، ولا ينقطع عن الترحال؛ جاب البلاد خابراً ودارساً من أوربا إلى أقصى الشرق إلى الصين، وجرب كل شيء جرب السجن بل جرب الموت!

هو الإرل برتر أند أرثر وليم رسل، ينحدر من عائلة من أشرف العائلات الإنجليزية , اشهرها وأوفرها حظاً من المشاركة في أمور الدولة السياسية. وهو ليس كريم النسب من جهة أبيه فقط؛ بل من جهة أمه كذلك، فأبوه ابن اللورد جون رسل الوزير البريطاني المشهور، وأمه بنت اللورد ستانلي أف الدرلي؛ فهو أرستقراطي النشأة طيب الأرومة.

وقد ولد في ١٨ مايو سنة ١٨٧٢؛ وحينما بلغ من العمر سنتين ماتت أمه ولحق بها أبوه في العام التالي فترك يتيما وهو ابن ثلاث سنوات، ولم يتمكن أبوه ولا أمه من تلقينه عقيدتهما في الدين والحياة. وكانا أبوين عجيبين - وعلى غرراهما سينشأ الابن - من أحرار المفكرين؛ فأبوه كان يميل إلى المذهب (اللاأدري) وكان صاحب مزاج عجيب ورأي غريب نأى به عن الحياة السياسية التي أرادها، فقد رشح نفسه للبرلمان ودخله، ولكن لما عرف عنه م، آرائه الحرة كما في تحديد النسل وحقوق المرأة والمسيحية،

<<  <  ج:
ص:  >  >>