للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[البلاغة العربية في دور نشأتها]

تأليف الدكتور سيد نوفل

بقلم الأستاذ علي العماري

هذا الكتاب يؤرخ الدور الأول للبلاغة العربية، وقبل ان أتحدث عنه أحب ان أقول ان البلاغة العربية تنوء بظلم فادح، فكل فن ينال قسطا غير يسير من عناية العلماء، وهي وحدها التي ظلت قرونا عديدة تضطرب في دائرة ضيقة من قواعدها السكاكية، فدراستها في معاهد التعليم على اختلاف أنواعها في مصر وفي غير مصر لا تبعد كثيرا عن هذا المنهج القديم، والتأليففيها مشدود إلى هذا المنهج نفسه بأمراس كتان، حتى الطريقة الأدبية التي عنى بها بعض العلماء، وخصوصا قبل العصر السكاكي لا تنال حظها من الدراسة والتأليف، ولهذا فكل كتاب يؤلف في علوم البلاغة على نمط جديد نعتبره خدمة جليلة لهذه العلوم، والكتب المؤلفة فيها معدودة تعد على أصابع اليدين وبعضها لا غناء فيه، فلا تزال البلاغة العربية مجاهل يسلكها طلاب المعرفة من غير دليل، ويعتسفون مثانيها ومحانيها على غير الهدى، ولا بد من جهود جبارة ومن عمل دائب، مع إخلاص وصدق حتى ان تعقد على أسس قويمة خالصة من تلك الشوائب الكثيرة التي تعقد مسائلها، وتعكر مناهلها.

والكتاب التي نحن بصدد الحديث عنه عالج شأنا من شؤون البلاغة المهمة، عالج البلاغة في أبان نشأتها، وتحدث عنها في لفائف المهد تباركها أيد قليلة وتربت عليها برفق وحنان وتفديها بما تستطيع ان تقدمها لها في العهود البعيدة والكلام في تاريخ نشأة البلاغة ليس حديث العهد بالدراسة، ولكن أقلاماتناوله، وأظن ان أول من تناول هذا التاريخ صاحب المعالي الأستاذ الشيخ عبد الرزاق في كتاب الأسماء (الأمالي) ومن الذين كتبوا فيه الأستاذ الشيخ أمين الخولي أستاذ البلاغة العربية في الجامعة المصرية في كتابه (فن القول).

وقد قرأت رسالة في هذا الموضوع للأستاذ الشيخ أبي الوفا المراغي مدير المكتبة الأزهرية، غير ان الدكتور نوفل زاد على هؤلاء انه ركز موضوعه في البلاغة عند الجاحظ، والكتاب مقسم إلى قسمين: القسم الأول تحدث فيه عن البلاغة قبل عصر الجاحظ، وقد سجل فيه جهود العلماء والأدباء والمتكلمين والمعلمين ومجالس النقد في نشأة البلاغة، والقسم الثاني تحدث فيه عن جهود الجاحظ في البلاغة، وهذا القسم يعتبر جديدا،

<<  <  ج:
ص:  >  >>