لم يكن لَبقاً سيدنا الحَبْر الجليل - المستر سلوب - حين حاول هذه المرة أن يُنَقّل فؤاده حيث شاء من الهوى. . . فلقد عرف الناس أنه مشغوف بالسيدة (. . . بولد) وأنه يسعى جهده ليحظى بها زوجة مثرية غنية ذات مال وذات جمال، وذات ريع ثابت يَقُدْره العارفون بألف أحمر رنان تقبضها غير منقوصة كل سنة. . . عرف الناس هذا، وحرص سيدنا الحَبْر الجليل على ألا تفلته هذه الفرصة النادرة التي تضمن له غَرْفةً من كنوز قارون في كل مطلع عام جديد، فيضمن نوال الدنيا و. . . حسن ثواب الآخرة!!
ولم يكن أحد يعيب عليه قط مجازفته الغرامية هذه، لأنها كانت في سبيل الزواج. . . والزواج شيء عادي أقرته الأديان ونزلت به الشرائع. . . أما أنه راهب فلا بأس، فإنها رهبانية ما فرضها الله على أحد، فلم يفرضها سيدنا الحَبْر الجليل - المستر سلوب - على نفسه؟!
وسيدنا الحَبْر الجليل رجل يعرف حق الدنيا كما يعرف حق الآخرة ويعطي لقلبه من هذه الدنيا تسعة وتسعين من أنصبتها المائة المقسمة بينه وبين عقله. . . لذلك كان شعوره يطغى على تفكيره. . . وكان هواه المتقد وعاطفته المشبوبة لا يتفقان ومركزه الذي أساسه أن يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر والبغي.
فلقد عرف هذا الحَبْر السيدة (. . . بولد) الأرمل، بعد أن مات زوجها، وبعد أن ترك لها هذه الثروة الهائلة التي أسالت لعاب المستر سلوب، وشبت أطماعه. . . فلم ير بأساً أن يصل أسبابه بأسبابها، وأن يملقها ويدهن لها، وأن يزخرف لها حباً يوهمها به أن له ناراً تتأجج في قلبه، وتندلع بين أضالعه. . . وكان للأرمل الغنية شيء من الجمال غير قليل. . . وإن كان جمالها يذهب به كثرة اللحم والشحم، وقصر الرقبة واستكراش البطن، وترهل الثديين قليلاً. . . ولكن وجهها كان ذا رواء وسيماء، خصوصاً حين تعالجه بالأصباغ