إنك قد أصبحت ملكا على ذوي جنسك وأوتيت فضيلة الرياسة عليهم فمما يشرف رياستك ويزيدها نبلا أن تستصلح العامة، وتكون رأساً لخيار محمودين لا لشرار مذمومين. فان رياسة الاغتصاب - وإن كانت تذم لخصال شتى - أولى ما فيها بالمذمة أنها تحط قدر الرياسة وتزري بها، وذلك أن الغاضب إنما يتسلط على الناس كالعبيد لا كالأحرار فرياسة الأحرار أشرف من رياسة العبيد. وقد كان ملك فارس يسمى كل أحد عبداً ويبدأ بولده، وهذا مما يصغر قدر الرياسة، لأن الرياسة على الأحرار والأفاضل خير من التسلط على العبيد وإن كثروا.
لا تلتفت إلى مشورة من يشير عليك بغير الذي أنت أهله، ولا تعبأ بكلام أقوام خسيسة آراؤهم ناقصة هممهم يموهون عندك الأمور ويحملونك على العامة.
١٥٢ - نحن لا نملك علينا من لا يشاور
يروى أن روميا وفارسيا تفاخرا، فقال الفارسي: نحن لا نملّك علينا من يشاور
فقال الرومي: نحن لا نملّك علينا من لا يشاور
١٥٣ - الملك الدستوري
في (الكامل) لأبن الأثير: كان عضد الدولة لا يعول الأمور إلا على الكفاة، ولا يجعل للشفاعات طريقاً. شفع مقدم جيشه (أسفار) في بعض أبناء العدول ليتقدم إلى القاضي ليسمع تزكيته ويعدله. فقال: ليس هذا من أشغالك إنما الذي يتعلق بك الخطاب في زيادة قائد، ونقل مرتبة جندي وما يتعلق بهم، وأما الشهادة وقبولها فهي إلى القاضي، وليس لك ولا لنا الكلام فيه، ومتى عرف القضاة من إنسان ما يجوز معه قبول شهادته فعلوا ذلك بغير شفاعة