(لا يصح الحب بين أثنين إلا إذا أمكن لأحدهما أن يقول للآخر: يا أنا. . . ومن هذه الناحية كان البغض بين الحبيبين - حين يقع - أعنف ما في الخصومة، إذ هو تقاتل روحين على تحليل أجزائهما الممتزجة. وأكبر خصيمين في عالم النفس (هما) متحابان تباغضاً. . .)
(الرافعي)
السحاب الأحمر
ترى ماذا كتبت إليه صاحبته بعد ما قرأت رسائل الأحزان فأثارت نفسه بعد هدأتها وردته من الغيظ والحنق إلى أن يقول:(يا هذه لا أدري ما تقولين؛ ولكن الحقيقة التي أعرفها: أن نفس المرأة إذا اتسخت كان كلامها في حاجة إلى أن يغسل بالماء والصابون وهيهات. .!) ويقول: (يجب على المدارس حين تعلم الفتاة كيف تتكلم أن تعلمها أيضاً كيف تسكت عن بعض كلامها)؟
من لي بأن أعرف ما كان وقع رسائل الأحزان في نفسها ما وردت به؟
إنه يتحدث في السحاب الأحمر عن التهمة والظنون، والكلام الذي لا يغسله الماء والصابون، والنجمة الهاوية، وخداع النظر في الحب، وفساد الرأي في الهوى، وطيش القلب في الاستسلام، ثم. . . ثم يحاول أن يعتذر. . .!
هنا الحلقة المفقودة في تأريخ هذا الحب، فلست أدعي المعرفة؛ ولقد كنت مع الرافعي مرة في مكتبه وبيننا السحاب الأحمر يقرأ لي بعض فصوله، فأشرت إليه عند فقرة من الكلام ليجيبني عن سؤال يكشف عن شئ من خبرها ومن خبره؛ فوضع الكتاب إلى جانبه وحدق في طويلاً ثم سكت، وسبحت خواطره إلى عالم بعيد، وراحت أصابعه تعبث بما على المكتب من أشيائه، ثم قال: (أرأيت القلم الذي تراءى لي السحاب الأحمر في نصابه بين