للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[دراسة الأدب في المدارس]

للأستاذ عبد الجواد سليمان

تقوم دراسة الأدب العربي في المدارس المصرية على طريقة ملتوية، ونهج غير وقويم وليس من شأن هذه الطريقة أن تخلق من الطلبة أديباً، أو حتى على الأقل تكون فيهم الذوق الأدبي.

وليس العيب عيب القائمين بدراسة هذه المادة، فهؤلاء جنود مأمورون مطيعون؛ ترسم لهم المناهج، وتوضع لهم الخطط، فينقذونها دون أن يسمح لهم بإبداء الرأي، أو يحسب حساب حتى لتجاربهم التي قد يكون بعضها صادقا صحيحاً، استخلصوه من تجاربهم بعد طول الدارسة والممارسة، لكن العيب هو عيب من تجاربهم على رسم الخطط وانتهاج الطرق ووضع المناهج.

لقد درجت وزارة المعارف المصرية منذ نصف قرن تقريبا على وضع مناهج الأدب لتلاميذ المدارس الثانوية وما في حكمها من معاهد التعليم: في صورة تاريخ يلقى في نظريات جافة، يستظهرها التلاميذ ويرددونها ترديداً لا يثير في النفس عاطفة، ولا يحرك شعورا، يستظهرونها ليجتازوا بها الامتحان فإذا ما خطوها على أوراقه، خرجوا ليحملوا أنفسهم جملا على نسيانها، وحق لهم ما يفعلون، فإن هذه النظريات الجوفاء لا خير في الاحتفاظ بها بل الخير كل الخير في نسيانها والتخلص منها، فهي معلومات لا يصدق عليها أن توصف بأنها أدبية بل هي في الواقع من قبيل الأدب الزائف، فإن الأدب فن من الفنون الرفيعة، وهذه لا تمت إلى الفن بسبب قريب أو بعيد فهي ظواهر اجتهادية وقوانينها عامة تصلح لكل عصر من العصور، وتنطبق على كل كاتب وكل شاعر، فلم تستبط من دراسة شعر الشعراء أو نثر الكتاب، فمن الظلم كل الظلم للتلميذ أن نحمله على الاحتفاظ بها.

وقد تطور كل شيء خضوعاً لسنة النشوء والارتقاء، وبقيت هذه المناهج في الأدب راكدة رتيبة، لم تجر عليها سنن الحياة.

لقد نادى جماعة من كبار العلماء في مصر ممن جمعوا بين القديم والجديد وتشعبوا بالدراسات الأدبية في الغرب، بأن الأدب فن من الفنون وهو فن رفيع، واصطلحت إحدى المدارس الأدبية في مصر على تسميته (بفن القول) وما دام الأدب فنا، فيرى هؤلاء،

<<  <  ج:
ص:  >  >>