الأعلام في الأدب أن يخضع في دراسته للطريقة التي تدرس بها سائر الفنون، وأن يفصل فصلا تاما عن تاريخ الأدب، يفصل عنه في منهاجه، ويفصل عنه في مدرسيه، ذلك لأن الأدب ككل فن، فليس كل مدرس بقادر على مزاولة دراسته، والعمل على ترقية والنهوض به، بل هو في حاجة إلى عناصر تتولى دراسته من طراز آخر، في حاجة إلىشخصيات أدبية أو شخصيات يمكن أن يقال عنهم أنهم أدباء، لهم في الأدب ذوق ولهم فيه انتاج، ولهم آراء، نتبع مذهبا من المذاهب الأدبية المعاصرة، قديمة أو حديثة؛ حتى يمكنهم أن يوجهوا دراسة الآداب إلىوجهات سديدة يسير على هديها تلاميذهم فيقرءون النافع المنتج ويهجرون الضار العقيم.
حقا لقد استجابت وزارة المعارف في أول العام الدراسي السابق، إلى نداء هؤلاء الأدباء، فوضعت لأول مرة في تاريخها منهاج الأدب تتفق وهذا الاعتبار الذي يعد الأدب أحد الفنون فقررت على تلاميذ الفرقتين الأوليين من المدراس الثانوية منهاجا في الأدب كفن تعرض فيه النصوص من القرآن الكريم أو السنة الشريفة أو شعر العرب ونثرهم في مختلف العصور، ثم تناقش هذه النصوص مناقشة شرح ودراسة وتحليل، ثم تستنبط منها بعد ذلك الظواهر الأدبية، وهي طريقة استقرائية ناجحة، وهي وحدها التي رآها كبار الأدباء جديرة بالدراسات الأدبية الفنية، إذ فيها يعود الطالب على حرية الرأي، والاستقلال في الفهم، وتعينه على الملاحظة والنظر الصحيحين، ثم على الذوق والاستنباط؛ تغرس فيه حب الاطلاع على كنوز الأدب الزاخرة في مختلف العصور. لو بقيت هذه المناهج، لحققت لنا ما نصبو إليه من سلوك الاتجاهات الحديثة في دراسة الأدب ونقده، نعم لم تبق هذه المناهج بل عصفت بها الأهواء كما تعصف بكل مشروع نافع، فمحيت هذه المناهج من الفرقة الثانية وأعيدت إليها المناهج الأولى الجافة التي لا تمت مطلقا إلى الأدب بصلة، وبقيت في السنة الأولى، إلا أنها بقيت فقط في المنهاج، فلم توضع لها كتب يستضئ على ضوئها المدرسون. فأنتهز بعض محترفي التأليف الكتب المدرسية هذه الفرصة ووضعوا فيها مذكرات ألقاها كتاب جيداً، وأكثرها كان تافها قصد أصحابها من ورائها إلى المادي، فألفوها على عجل، وطبعوها على عجل فجاء الكتاب منها غثاء ممجوجا. . .
ومن الغبطة أن نذكر هنا أن أول من نادى بهذا الرأي دراسة الأدب وجار به في كتبه،