كتب الأستاذ الكبير - أحمد أمين - تحت عنوان (صفحة سوداء) مقالا عن مصر كما يراها بعض مؤرخي العرب.
فكمع كثيراً مما قاله القوم في المصريين وفي طبيعة بلادهم. وكيف أن أرض مصر (تولد الجبن والشرور الدنيئة في النفس حتى أن الأسد لم تسكنها - وهي إذا دخلت أرضها ذلت ولم تتناسل! وكلابها أقل جرآة من كلاب غيرها من البلدان، وكذلك سائر ما فيها أضعف من نظيره في البلدان الأخرى) أهـ
وقد تفضل الأستاذ فرد على هذه التهم ولا سيما التهمة المسندة إلى كلاب مصر فانه أبدع في تفنيدها وأشاد بذكر أرمنت وما يستطيع أن يفعله كلابها بجلد المؤرخ الذي فرط منه ذلك القول ونحن نشكره هنا. . بلسان أرمنت وما فيها!
ولكن بقيت بعد ذلك تهمتاه نريد أي نقول نحن أيضاً فيهما كلمتين: أما التهمة الأولى فهي الخاصة بأرض مصر وأن الأسد لا تسكنها، وأنها إذا سكنتها ذلت ولم تتناسل فيها لأنها ترث الجبن عن هذه الأرض، وهذا قول عجيب، فكأن التناسل من أعمال الشجاعة في نظر ذلك المؤرخ الذي يحيط علمه الواسع ولا شك بما قال الشاعر من أن
(بغاث الطير أكثرها فراخا)
والحقيقة الواقعة أن التناسل لا دخل له بالقوة ولا بالضعف ولا بالجبن ولا بالشجاعة. على أننا نكتفي في هذا الصدد بأن نحيل حضرة المؤرخ المحترم - كما يقول البرلمانيون - الى حدائق الحيوان بالجيزة فهي كفيلة وحدها بالرد على دعواه. وفي (بيت الأسود) فيها من الاشبال الكثيرة التي نبتت على أرض مصر وتحت سمائها ما يكفي لتنفيذ مزاعمه!
والآن بقيت تهمة أرض مصر بأنها تفسد أهل مصر وتجعل ما في مصر أضعف من نظيره في البلدان الاخرى. وهذا ما نريد أن نقول فيه كلمة قصيرة. ونحن نطمع في أن يتصدى للادلاء بالقول الفصل في هذا الموضوع رجال هم أقدر منا على ذلك بحكم عملهم ووقتهم واطلاعهم. على أنا نرى الموضوع لا يكفي فيه رد واحد يطلق في صحيفة واحدة ثم تنطوي الصفحة وينسدل الستار، ونبقى نحن على ما عشنا فيه من الاتهام بالذل