للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة النقد]

اللهجات العربية

الدكتور إبراهيم أنيس

الأستاذ المساعد بدار العلوم

للأستاذ عبد الستار أحمد فراج

ما من شك أن أستاذنا الدكتور أنيس قد بذل مجهوداً عظيماً في كتابه اللهجات العربية، وحاول مشكوراً تطبيق ما تخصص فيه من علم الأصوات الحديث على ما ورد إلينا من اللهجات العربية وسيجد القارئ تبويباً مرتباً وتسلسلاً مرتبطاً في عرض واضح لفكرته التي يسوقها وهو يكاد يقنعنا بموافقته على آرائه وقد أبدع في معظم فصول كتابه الستة ودل - كما نعهده - على علم فياض.

وإذا جاز أن تكون العادات والتقاليد في جميع العالم خاضعة لناموس واحد، جاز لنا أن نقهر جميع اللهجات العربية على الخضوع لما استنتجه الأوربيون من دراستهم للهجاتهم وأصواتهم ولكن ما أحسب أن العوامل التي أثرت في التقاليد الإنجليزية مثلاً تتفق مع العوامل التي أثرت في التقاليد العربية تمام الاتفاق فليست البيئة كالبيئة وكذلك في اللغة ليست الحروف في أكثرها كالحروف وإذا كانت نظرية الطب أن سوء التغذية مثلاً يسبب ضعفاً عاماً فليس كل ضعف عام في الطب يرجع إلى سوء التغذية ولكن الظاهرة التي نلحظها في كتاب أستاذنا هي وجوب إخضاع اللهجات العربية بدون قيد ولا شرط لما قرره علم الأصوات الحديث فإذا وجدنا بعد البحث أن كثيراً من الظاهرات العربية في لهجاتها غير منطبق على ما قرره طعناً في رواية الرواة مهما بلغت من القوة.

في رأيي أن هذا الاتجاه غير مستقيم، فليس من العدل أن أفرض الفرضيات فرضاً، وإنما العدل أن أدرس وأستقصي ثم أحاول استخلاص قواعد غالبية غير مكتف بمثل أو ببضعة أمثلة. لكنه كما قدمت جعل نظريات علم الأصوات الحديث قضايا مسلمة تنطبق على اللهجات العربية تمام الانطباق، مع أن النظريات الهندسية لا ينطبق فيها كل مثلثين إلا إذا تساوى في الفرض ضلعان والزاوية المحصورة بينهما أو زاويتان وضلع. كما إن الطب

<<  <  ج:
ص:  >  >>