للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[شاعر مجهول]

للأستاذ حسني كنعان

لما حط الصقر المصري إبراهيم باشا بثقله على (طورس) وأخذ يتوثب ويتحفز من أعاليه على البلقان، ليغزوها كما عزا البلاد الشامية، سأله أحد الدبلوماسيين الفرنسيين. . .

إلى أين يذهب بفتوحاته، وهلا يتوقف عند حدود تركيا؟ فأجاب:

- إنني أتباع التقدم إلى البلاد التي لا أستطيع أن أتفاهم مع أهلها باللغة العربية.

- ثم سأله أحد جنوده الذين لهم دالة عليه عندما كان يزجي الصفوف ويهيئها للقتال، كيف تتحدث سموكم بهذا الشكل عن الأتراك، وأنت من أصل تركي، وفرع أناضولي. . .؟

فأجاب:

- أجل أنا من نبتة تركية، ولقد ولدت في البلقان ولكنني عشت في مصر، وإن أرض هذه البلاد وسماءها جعلت مني عربياً، صهرتني هذه التربة الخصبة ببوتقتها، ومصرتني بمصريتها. . .

وقائد هذا شأنه وهذا حبه للعرب قمين بأن يكون معبود جنوده المصريين والشاميين، وخليق بهذه المدائح التي خلد الشاعر الجندي اسمه فيها. وما كانت هذه الأماديح مقتصرة في تخليد مآثره في الأشعار والقصائد العامرة فحسب، بل تعدتها إلى الإشارة بذكراه من قبل شاعرنا في الموشحات والمواويل والقدود والأناشيد، ومن هذا القبيل قوله من موشح يصف به غزو عكا مما يدل على أن الشاعر كان في ركابه يوم غزاها. ولقد عثرت في الديوان على موشح من نغمة الجهاركاه يصف الشاعر به هذه الغزوة، والموشح معنون (بعنوان زارني الحبيب).

صاحب السعود قاهر الأسود ... الغازي الغضنفر قائد الجنود

في عكا أقام ساعة الزحام ... علم القيام رتبة السجود

رتب الألوف حولها صفوف ... عود السيوف فرقة الصمود

غارت العساكر كالأسد الكواسر ... غنت القنابر تشبه الرعود

لاحت البيارق فوقهم خوافق ... جازت الخنادق وهي كالفهود

دقت الصنوج والطبل الرجوج ... أبحر تموج ما لها خمود

<<  <  ج:
ص:  >  >>