وهذه هي الميزات التي يراها نيتشه تميز السوبرمان من الإنسان، يرى أن فضيلة الإنسان فضيلة تحمل إلى الناس جميعهم بدون فرق ولا استثناء، بيناً يرى أن فضيلة السوبرمان لا تعني إلا فريقاً منتخباً ضئيلاً سامياً. ألا ترى أوروبا اليوم جميعها تؤمن بديمقراطية تساوي بين طبقات الناس مهما اختلفت أصولاً وفروعاً. ونيتشه لا يرى في هذه الديمقراطية شيئاً طبيعياً، وهو يؤمن (باللامادة) ويريد أن يخلق طبقة أرستقراطية تتألف من أنواع محدودة، لكل نوع تعاليمه وأعماله وواجباته المكتوبة عليه، وأسفل هذه الأنواع هو مجموع الفئات المتوسطة التي يدور بأيديها دولاب المجتمع. فالنقش والتجارة والصناعة والعلم والفن تحتاج إلى عمال يخدمون برضاهم هذه الصناعات. يطيعون مختارين ويعملون مريدين. هؤلاء هم عبيد لأنهم ينفذون إرادة من هم أسمى منهم. وحق لهم أن تكون منهم الطاعة، وأن يحتملوا من الألم كثيراً لأن الحقيقة قاسية. على أن هؤلاء يجب أن تضمن لهم أسباب حياتهم فيكونون أكثر هناء واطمئناناً وسعادة من رؤسائهم، لا شغل لهم إلا أن يواصلوا دورة الحياة. . . أما الأيمان الديني عندهم فهو نعمة لا تثمن، لأنه كأشعة الشمس فاقة وجودهم المظلم، يعلمهم القناعة والسكينة ويجعل واجباً عليهم احتمال إرادة غيرهم. وهو الذي يبث في أرواحهم هذا الوهم الجميل القائل بأن هنالك نظاماً للأشياء. وأنهم هم أنفسهم لهم مكان نافع في نظام الكائنات والأشياء. هؤلاء يقول لهم زرادشت:(لكم لكم العبودية والأيمان!). وفوق هذا الفريق المديرين وحارسي الشريعة والذائدين عن النظام والبلاد والمقاتلين وأمير البلاد. أن هؤلاء يدبرون الأمر ويسوسون الملك بسلطتهم. أن هؤلاء هم الذين تخضع لهم إرادة العبيد حين يريدون. أما الفريق الأول فهو فريق السادة والعقلاء وخالقي (القيم الاجتماعية). هؤلاء يجب أن ينفذ تأثيرهم في قلب المجتمع، هؤلاء يجب أن