للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[البعث الديني في الغرب]

للدكتور عمر حليق

يتساءل الدكتور (راينهولد نايبور)، أحد أقطاب اللاهوت البروتستنتي في أمريكا، عما إذا كان المجتمع الغربي يمر الآن في بعث ديني كفيل بأن يتسرب إلى صميم السلوك السياسي والاقتصادي للشعوب المسيحية في الغرب، فيضع حدا لهذه الأخطاء الشنيعة التي تشوب سلوك الإنسانية، وتدون صحف التاريخ بأحرف النار والدمار.

وجواب هذا القطب البروتستنتي عن القسم الأول من هذا التساؤل، أن هناك اتجاهات واضحة في الإنتاج الفكري، وفي السلوك اليومي للشعوب الغربية، تدل بوضوح على أن هناك بعثا دينيا تزداد مظاهر جلاء يوما بعد يوم. ولكن صاحبنا يعترف بأن من الصعب عليه - وعلى أي كان من المراقبين المعاصرين لحاضر السلوك الديني في أمريكا وأوربا الغربية - أن يقدم البراهين القاطعة على هذا البعث الديني، براهين تستند إلى حركة جديدة ثابتة الأركان كتلك التي سجلها عن حركات البعث الديني، وحدد أزمانها ومعالمها وأقطابها وأهدافها ومبادئها. ويعترف هذا الزعيم البروتستانتي كذلك بأنه قد يكون مخطئا في تفسير لمظاهر هذا البعث الديني الجديد. فقد تكون هذه المظاهر ليست إلا سحابة صيف عابرة، لا تستطيع أن تحيي موات الأرض.

وقد عالج الدكتور نايبور هذه الناحية في حاضر الثقافة المسيحية في بحوث عديدة منها كتابه (الإيمان والتاريخ وفصول وكتب أخرى تدرس في أكبر معاهد الديانة البروتستانتية في أمريكا.

ويستشهد هذا العالم البروتستانتي للدلالة على أن الغرب يمر في فترة إحياء ديني بأمرين:

أولهما نجاح نفر من الوعاظ المسيحيين في أمريكا وبريطانيا برد الآلاف من الرعية إلى حظيرة الكنيسة، كما تدل على ذلك إحصاءات الهيئات الكنسية.

ثانيهما هذه الظاهرة القوية التي أخذت في السنوات الأخيرة تتسرب إلى الإنتاج الأدبي والفني في أوربا وأمريكا، ظاهرة تجد الخلاص في مشاكل النفس وأزمات الضمير في الإيمان والرجعة إلى الدين. ويشترك في هذه الرجعة نفي من الكتاب والشعراء في ثنايا المنظوم والمنثور من إنتاجهم الأدبي.

<<  <  ج:
ص:  >  >>