للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٢ - غاندي الصوام]

للأستاذ حسين مهدي الغنام

من أقوال غاندي المأثورة قوله: (إن المواطن الذي يريد أن يخدم وطنه، يجب عليه أن يحتفظ بجسده وعقله طاهرين، حتى يجعل من نفسه أداة صالحة لخدمة هذا الوطن. والإنسان الذي يخدم السلم والإنسانية، عليه ألا يتجه في نضاله إلى الأشخاص، بل عليه أن يجارب النظم الفاسدة ويستأصل روح الشر التي تسيطر على بعض الناس).

وكان هذا الرأي دستور غاندي في حياته، ومبدأه ومذهبه الفلسفي الذي نادى به، ثم اعتنقه عملياً وأداه بنفسه في حياته، وعمل على نشره في العالمين. . .

فلما بدأ حركة العصيان المدني أمر أتباعه أن يتخلوا عن كل متاعهم الدنيوي، ويهبوا أنفسهم لخدمة غرضهم الأسمى، ويتطهروا روحاً وجسماً ويتهيأوا لمحاربة الشر الكامن في الإنسان، حرباً روحية بلا عنف أو قسوة.

وبدأ الرجل حركته الجديدة. وتبعه مريدوه وتلامذته.

ولكن إحدى تابعاته ضلت، فانقطعت عنهم واحداً وعشرين يوماً، عادت بعدها تستغفر زعيمها، فاستيقن من صدق تويتها، عزم أمره على شراء خطاياها بالصوم واحداً وعشرين يوماً. . .

وهكذا بدأ غاندي سياسة الصوم، التي تتلخص فيها فلسفته!

والذي قاله السردار إقبال على شاه عن قوة غاندي الروحية وتأثيرها على الهنود، صحيح في جملته. وكان سلاح الرجل الوحيد ذلك السلاح الهادئ الذي لا يحدث صوتاً ولا فرقعة، سلاح الصوم، والصوم يعني الإنسانية العليا والصبر والقناعة والرضى.

وكان هذا السلاح ذا تأثير عظيم في الهنود، بل لم تكن مجموعة من القنابل الذرية بكافية لأن تهز ملايين الهنود كما يزلزلها صيام ذلك الشيخ الهندوكي الواهن الجسم.

كان المتنبئون والروحيون من الهنود يقدرون لزعيمهم أنه سيعمر ما بين ١٢٥ و ١٣٣ عاماً. وكان غاندي يعتقد مثل هذا الاعتقاد. ولكنه قبل اغتياله نذر أن يصوم حتى الموت إذا لم ينفذ الهندوس ما طلب منهم في صالح المسلمين واتحادهم معاً.

ولطالما عمد غاندي إلى الصوم الذي كان أشد أسلحته، فكان هذا الصوم يقف الاضطرابات

<<  <  ج:
ص:  >  >>