ويعد كل من الشيخ محمد عبده (١٨٤٣ - ١٩٠٥) وجورجي زيدان (١٨٦١ - ١٩١٤) في مقدمة الكتاب الذين امتاز بهم هذا العصر. نعم إن أولهما لم ينتج شيئاً من المؤلفات الأدبية، لكن ذلك لا يدعو إلى إنكار الدور الهام الذي لعبه، فبفضل جهوده استقر رأي المسلمين في طريق التجديد، وازداد نفوذ الحركة الأدبية شيئاً فشيئاً، بحيث أثر الشطر الأكبر من المصريين. وظهرت في خلال ذلك أنواع أدبية جديدة كالرواية التاريخية. واصطبغت هذه الأنواع بصبغة خاصة تختلف كل الاختلاف عن نظيراتها، فكان الكاتب يوجه جل اهتمامه إلى تنسيق الألفاظ، إلى أن جاء المنفلوطي (١٨٧٦ - ١٩٢٤) فاتجه بهذا النوع إلى طريقه الكمالي.
أما المدرسة السورية المتأمركة فقد برزت إلى الميدان في خلال السنوات العشر الأولى من القرن العشرين، وهي على ما نظن كانت أقوى المدارس الأدبية العربية الحديثة من حيث استقلال شخصيتها. وزعماؤها: أمين الريحاني (١٨٧٩) وجبران خليل جبران (١٨٨٣ - ١٩٣١) الذي يمثل طابع جهودها. فقد رأس بمدينة نيويورك جماعة (الرابطة القلمية)، وكانت تلك الجماعة الأدبية تنشر دعوتها على صفحات مجلة (الصائح) التي تولى إدارتها عبد المسيح حداد. ومن أهم الصفات المميزة لهذه المدرسة، أنها قطعت كل صلة بأساليب الأدب القديم وبطريقة الكتابة العادية، واصطفت الأساليب القلمية المتطورة، أساليب الرسائل النثرية، والشعر المنثور المنمق إلى حد التكلف. وقد نال كثيرون من أنصار هذه المدرسة شهرة ذائعة في العالم العربي (حتى تونس والحجاز) فتأثر الكتاب بأسلوبهم. ومنهم أيضاً الشاعر الروائي ميخائيل نعيمة (١٨٨٩) والشاعر رشيد أيوب (١٨٦٢) وإيليا أبو ماضي (١٨٨٩) ونسيب عريضة. . . الخ. وللمدرسة السورية الأمريكية بالبرازيل مركز