فقد الإنجليز كل معنى من معاني الإنسانية وانقلبوا وحوشا آدمية يسفكون الدماء بغير مبرر ويهاجمون العزل الأبرياء لغير ما سبب. وليس هذا بجديد عليهم فتاريخهم الطويل يشهد بأنهم أمة من السفاحين والقراصنة. وإني أحدثك أيها الأخ الكريم اليوم عن فظائع الإنجليز في مصر قديما وحديثا.
من ٢٩ نوفمبر - ٦ ديسمبر ١٩٥١:
أستيقظ سكان بور سعيد في الساعة السادسة صباحا من يوم ٢٩ نوفمبر ١٩٥١ على أزيز الرصاص يتجاوب في أنحاء مدينتهم فقد انطلقت سيارتان بريطانيتان خرجتا من باب الجمرك وراحتا تطلقان النار على كل من تصادفه في الطريق. ومرت السيارتان بمبنى قسم أول وأخذ جنودهما يطلقون الرصاص على القسم وجنود البوليس وأستشهد جنديان ومات بعض المدنيين. وكان طبيعيا أن يرد البوليس المصري العدوان بمثله. حدث هذا في الوقت الذي كان يسعى فيه المسئولون المصريون والإنجليز في الإسماعيلية وبور سعيد والسويس إلى العمل على وقف حوادث العدوان المتبادل بين المصريين والإنجليز، والذي ذكر فيه أن الجنرال أرسكين قائد القوات البريطانية في منطقة القنال قد أصدر أوامره باعتبار (بور سعيد والإسماعيلية والسويس) من المناطق المحرمة على الجنود البريطانيين.
وقد أتفق المسئولون المصريون والإنجليز في هذا التاريخ على جلاء الجنود البريطانيين عن المدن الثلاث وترك شئون الأمن فيها لرجال البوليس المصري فهدأت الحالة نوعا ما في الإسماعيلية. ولكن متى كان للإنجليز وعد؟ لقد حنثوا بوعدهم في نفس اليوم وبلغ بهم التجرد من الإنسانية أن انتهكوا حرمة الموتى وعبثوا بجثة ميت كانت منقولة من القاهرة إلى السويس وراحت قواتهم تجوب السويس بصورة استفزازية.
وفي يوم الاثنين ٤ ديسمبر ١٩٥١ روعت السويس بحرب إجرامية بشعة شنها عليها الإنجليز السفاكون استشهد فيها عشرون من المواطنين الأبرياء وبلغ عدد جرحاها ثمانية