كان يوم السبت الماضي بدء تاريخ في حياة المسرح العربي، فهو أول يوم ظهرت فيه فرقة المسرح المصري الحديث على خشبة المسرح، وكان مسقط رأسها مسرح الأوبرا الملكية، وكان مولدها على يد الأستاذ زكي طليمات عميد المعهد العالي لفن التمثيل العربي، وقد اختار أعضاءها كلهم من أبناء هذا المعهد وبناته. عبأهم، وتقدم بهم مباشرة إلى الأوبرا على طريقة الزحف السريع، كما كان يصنع الحجاج (يمثل الأستاذ دور الحجاج في ابن جلا) وقبل أن نحكم على مدى انتصار فرقة الحجاج الحديث. . ننظر في جولتها الأولى. .
افتتحت الفرقة عملها بتمثيل رواية (ابن جلا) للأستاذ محمود تيمور بك، وهي رواية تعالج شخصية الحجاج بن يوسف الثقفي وتعرض حياته في اثنتين وعشرين سنة، وهي الفترة التي ظهر فيها على مسرح الحياة السياسية في عهد بني أمية. تعرض المسرحية في ثمانية مناظر، يظهر في أولها الخليفة عبد الله بن مروان يدبر لحرب مصعب بن الزبير بالعراق، ويعين قواد الحملة فيختار الحجاج (رئيس الشرطة) قائداً لمؤخرة الجيش، وتظهر في هذا المنظر فتاة أهوازية مغامرة تقول إنها تشتغل بسقاية الجنود، فتسترعي جرأتها وغرابة حالها انتباه الحجاج. ويبدو الحجاج في المنظر الثاني قائدا للحملة المتوجهة إلى مكة لقتال عبد الله بن الزبير، فها هو ذا بسفح الجبل، يشرف على الكعبة التي يحتمي بها ابن الزبير ويرميها بأحجار المنجنيق، ويفد عليه في أثناء ذلك ابن حكيم، وهو شيخ من الطائف ومعه ابنته عفراء، يذكرانه بأيام نشأته في الطائفي، وتعرض له الفتاة بما كان بينهما في أيام الصبا، ولكنه لا يلقى إليها بالاً، فتنصرف مع أبيها في انكسار وخيبة أمل. ويدور بين الحجاج والفتاة الأهوازية حديث عن المرأة الطائفية تظهر فيه غيرتها وحبها للحجاج، وقد صارت الفتاة مرافقة للحجاج وتعد له الطعام، وهي تطمع أن يبادلها الحب، وهو يعابثها، ويبدو من معاملته إياها أنه فقط يعطف عليها ويستملحا ويستطيب صحبتها.
ويرتفع الستار عن المنظر الثالث فيرى الحجاج بقصره في المدينة وقد أصبح واليا على الحجاز، ينتظر رسوله من دمشق، كما ينتظر قدوم عبد الله بن جعفر الذي بعث إليه،