للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[نداء. . .]

للأديب عبد الرحمن الخميسي

(يا حمامتي في محاجئ الصخر، في ستر المعاقل، أريني

وجهك، أسمعيني صوتك، لأن صوتك لطيف، ووجهك جميل)

(التوراة)

وجهها

سَواهُ رَبِّي فِتنةَ الأحْياءِ ... من سَرْمَدِي الحُسنِ وَالألاءِ

ما وَجهُ أفرُودِيت إلا صُورة ... منه، كَظِلِّ الوَرْد فوْق الماءِ

خَطَّ الإلهُ السحْرَ في قَسَماتِهِ ... ونَماهُ في جَنّاتِهِ الفيحاء

وَسَقاهُ أرْوَاحَ الجمالِ فكله ... كلُّ الجمال مُفَصَّلُ الآلاء

فيه الربيعُ وفيه طيرٌ ما شدتْ ... لكنها تشدو بغيرِ غِناء

فيهِ من الليْلِ الوَدِيعِ قدَاسةٌ ... تُلقى بُذورَ الخيرِ في أطوَائي

فيه مِنَ الألَقِ المُصفَّى لُمعَةٌ ... خمريةٌ مَشْبُوبةُ الإغرَاءِ

فيه خُفُوتٌ شاعريٌّ، تحتَهُ ... نارُ الشباب تسيرُ في اسْتِخذَاء

فيه النَّقاوَةُ وَالْبراءِةُ جُمعتْ ... وتَحدَّرَتْ منهُ إلى البُرآءِ

هو مَعبدٌ تَعتاشُ في مْحِرابهِ ... صَلوَاتُ عُشاقٍ، ونُسكُ سَمَاء

ضَحيتُ فيهِ تقرُّباً من خَالقي ... بزهور عُمرِي والتِماعِ هَنَائي

ونفضتُ عَنِّي المجدَ، مجداً زائفاً ... ونشدتُ فيهِ رفَعتي وَعلائي

وَعَبَدتُ فيه الله لا مَحبُوبَتي ... فالله مُبدعُ تلكُم العَذرَاءِ

وَنَسَجتُ من أنْوارِهِ غَيبُوبَتي ... فوجدتُها أنقَي مِن الأضْواءِ

يا شَعرَها الغِريبَ لَيتَ أنا الذي ... أهْتَز فَوقَ جَبِينهَا الوَضّاء

فأمُدُّ مِنْ ذَاتي قناَعاً حَالِكاً ... يخْفي ابِتسَامَتَها عن الأحْياءِ

فَأنا أغَارُ، وَغيرَتي مَجنُونةٌ ... هَدَّتْ بنائي، آه أيْنَ بنائي؟

ما حَرَّكتْ أجْفانَها إلا وَقدْ ... لَطَمَتْ فُؤَادِي غمرةُ الإعْياءِ

<<  <  ج:
ص:  >  >>