والسهدُ في العينين كَبَّل مَنَطِقي ... وَأصَابَني بالرعْشَةِ الحَمقاءِ
صوتها
ينسابُ كالصهباءِ في حسِّي إلى ... أنْ تحتويه نشوةُ الصهباء
فتميد بي الدنيا وأنسى صرفها ... وتُفَكُّ روحي من إسار بقائي
وأهيمُ في أفقِ الذهول معانقاً ... وَهْمي إلى عُشٍ من الأضواء
تختالُ فيه القُشبُ من أحلامنا ... وتَرفُّ حولي عَذبةَ اللألاء
هو ذُخرُ وجداني إذا ما فَرقَتْ ... بيني وبينكِ رِجفةُ الأنواء
فيرنّ في غوري صداهُ مرقرقاً ... شوقَ الحبيبِ إلي الحبيب النائي
ويُفيحُ حرَّ الوجدِ من أنغامِه ... في حَبَّتي وعلى هدير دمائي
فَيلُفني الإعصارُ إعصارُ الجوى ... وتُذيبُ نفسي غُربةُ الشعراء
إني أحِسُّ لرَجعِ صوتك في دمي ... لهباً وبرداً يُترِعان ذِمائي
وأودّ لو أني هواءً عاطراً ... ثَملاً بموسيقاه في أحنائي
أطوي عليه النفسَ خشيةَ سامعٍ ... وأغارُ يا دنيايَ من أحشائي
يا ليتَ أني في لهاتِكِ غُنوَةً ... علوية التلحين والإلقاء
لَسَكنتُ في الألباب أخلدَ منزلٍ ... ما دمتِ أنتِ ترنمتْ بغنائي
إني الشحيحُ وجَرسُ صَوتُك في دمي ... وسواسُ تِبرٍ نافذُ الأصْداءِ
حول الرنينِ يطوفُ عُمري مثلماً ... يَتَطَوَّفُ الحَرَّانُ بالأفْياءِ
ولسانُكِ الذّهبيُّ قيثارٌ سَرتْ ... من قَلبهِ أغْرُودةُ الجوزاء
وكأنها فجرٌ، أنا في نُورِهِ ... جسمُ الدجُنَّةِ ذائبُ الأعضاء
وكأنها عِطرٌ يُضمِّخُ مهجتي ... وأنا النسيمُ مُطهَّر الأرُجاء
وكأنها طلٌّ يغيثُ حَشَاشَتي ... وأنا البَنَفسجُ في الربى القَحْلاء
وكأنها جَمرٌ يُحرِّقُ معْدني ... وَيُحيلني رُوحاً مِنَ العلياء
وكأنها كلُّ الحَيَاة تدُبُّ في ... جَسَدِي دَبيبَ النور في الظلْمَاء