للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القَصَصُ

أقصوصة عراقية

بدور ابنة عمي

للقصاص العراقي شاكر خصباك

صحيح أن بدور لم تكن تعدو عن كونها ابنة عمي، ولكنني مع ذلك كنت أحبها بقدر محبتي لوالدتي وهي كل ما أملك في الحياة. كيف أنسى تلك اللهفة التي كانت تلهب نفسي إلى رؤيتها ورؤية أبوي حين كنت أقوم بمهام وظيفتي الحكومية في (البصرة)؟ وعندما عدت إلى بلدتي لقضاء إجازتي السنوية. . رباه، كيف يغيب عن خيالي ذلك الموقف؟! لكم أثار منظرها في نفسي من غبطة وحبور حين تهادت نحوي في خفر وألقت علي تحية اللقاء بلسان لعثمة الحياء ووجه أضرجه الخجل! ولأول وهلة كذبت عيني وأنا أتفرس فيها مأخوذاً، قبل عشرة شهور فقط خلفتها طفلة ساذجة، أما هذه فامرأة، امرأة فاتنة تتضوع سحراً وإغراء! أهي بدور حقاً هذه الشابة الرائعة ذات القامة الفارعة والجسد الممتلئ والنهدين المتوثبين؟! سبحانك اللهم. .!

لكم تمنيت في تلك اللحظة لو تطول الإجازة لأستمتع بالحياة الهنيئة في هذا الجو العائلي الجميل الذي يظلله بالحنان المضطرم أبواي العزيزان، وتنيره بالبهجة بدور العظيمة. أية أيام تلك التي هنئت بها في مطلع عودتي؟! لقد طفح قلبي بسعادة مشرقة. . سعادة فياضة لم أذق لطعمها مثيلاً في الإجازات السابقة، ووجدتني مسوقاً إلى الاهتمام ببدور أكثر من أي وقت مضى. ولست أدري ما الذي أوحى إلي أنني كنت مقصراً في محبتها أثناء الأعوام المنصرمة مع أنني محضتها أعظم الحب كما لو كانت شقيقتي الوحيدة، عندما انتقلت إلى منزلنا وهي في السابعة من عمرها عقب وفاة أبويها وكأن هذا الخاطر كان مدعاة لي لتلافي ذلك التقصير فاندفعت في رعايتها اندفاع المهووس في شكه، وشغفت بمرآها شغف الطفل بلعبه! وكنت أحس بينبوع من الهناءة يتدفق في قلبي حين أراها تخطر في الدار بوجهها الطاهر الصبوح وشعرها الأشقر الطويل وقوامها الأهيف الرائع.

لا أذكر كم من الأيام لبثت أنهل من ينبوع السعادة الفياض، عندما بدأ ذلك الينبوع يفيض

<<  <  ج:
ص:  >  >>