للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

حياة الريف في الأدب:

إن الخضرة المترامية التي تكسو الوادي الخصب لتبدو رائعة حينما تأتلق بين أعطافها الإشعاعات الحانية المرسلة من شمسنا الوادعة، والأبصار تختلف حينما يجذب أحداقها مرائي الصور الخلابة في مرامي الأحاسيس الشاعرة؛ فأين تصوير حياة الريف بعد الانفعال بمظاهر روائعه الأخاذة؟.

لقد صعد بنا الخيال إلى أقاصي الصعيد، ومتعنا برؤية المرئيات التي

شاهدت بها عواطفنا أسمى ما يصل بين الخالق والمخلوق، وعلى

الرغم من معاناتها التأزم النفسي لم يتقلص شعورنا بل كانت الباصرة

تطل من نافذة الإيمان على مشاهد الوجود، فتأنس إلى الوحدة،

وتستأنس الوحدة، ويقال: إن نقد الشيء أيسر من وجوده؛ ونحن لا

نتطاول في نقدنا إلى درجة التعجز، أو تدفعنا غرة الغرور إلى

الاستصلاف، وإنما نبغي التنويه بما يجب أن تتجه إليه المشاعر؛

فالأدب مقفر من معالم (البيئة)، لانصراف الأذهان عن الاتصال

بالحياة الأصيلة الفطرية إلى الصنعة الوافدة الراكدة!.

لقد بلغت الجهود الاكتفاء بأوصاف أجزاء الأجسام (العارية) عن الإنسانية، فكيد الشاعر خياله، وديباجته، ولغته في تصيد الألفاظ التي تكشف سيئاتها عن سوآتها!، وهو يكون رائعاً إذ يصف الثغر، والنهد، والساق، والشعر وما (يلي. .!، وقد تناسى تلك المتناهية في خفر الأنوثة حاملة جرتها على رأسها تناغي مع مناغاة ماء النيل أعذب غنوة من أطهر شفة!.، يذهب بالتغني (بالعوامة) إلى تجاهل روعة (المركب الشراعي) الذي لا زال وفياً بعهده، باقياً على وده!.

إن أدبنا فقير في تصوير (البيئة)، وطفت موجة التقليد للصحف البعيدة عن حياتنا وعاداتنا، وطبيعة بلادنا، حتى كاد يغمرنا طوفان ننسي معه قوميتنا!

<<  <  ج:
ص:  >  >>