(معذرة إلى القراء من هذه الفترة التي انقطعت فيها عن الكتابة، وأشكر لهم. على العهد أن أوالي الكتابة حتى أفرغ من هذا التاريخ. ومعذرة ثانية إلى صديقي الأستاذ محمود أبو رية مما كان مني إليه، وسيأتيه ردي بعد قليل)
العريان
الرافعي والعقاد
لما مات المرحوم شوقي في خريف سنة ١٩٣٢، اهتزت لموته المجامع الأدبية في مصر والشرق؛ فما تجد من كاتب أو أديب من أبناء العروبة إلا أهتم لهذا النبأ واحتفل به. وتهيأت (المقتطف) لكتابة فصل أدبي عن أمير الشعراء، فأفرغت بضع عشرة صفحة من العدد الذي كان موشكاً أن يصدر، وأبرقت إلى المرحوم الرافعي في طنطا أن يكتب هذا الفصل ويرسله إليها في أيام قبل أن يتم طبع العدد
ولم يكن بين الرافعي وشوقي من صلات الود ما يتيح له أن يعرف شيئاً من حياته يعينه على دراسة أدبه؛ ولا كان الرافعي مستعداً لهذه الدراسة ولا تهيأت له من قبل أسبابها ودواعيها لينشئ موضوعه على الوجه الذي يرضاه في ذلك الوقت العاجل. وإن الرافعي لكثير الأناة والتأنق فيما يكتب، فلا يبدأ في إنشاء موضوعه حتى يخلى له فكرة أياماً وليالي، يبحث ويوازن، ويزاوج ويستنبط؛ ثم يتهيأ للكتابة وقد استوى الموضوع في فكره كأنما قرأه لساعته في كتاب. ولكن كل أولئك لم يمنع الرافعي أن يجيب محرر المقتطف إلى ما طلب، وأرسل مقاله في الموعد المضروب. وكانت دراسةً أعتقد أن أحداً من كتاب العربية لم يكتب مثلها عن شوقي أو يبلغ ما بلغ الرافعي بمقاله، فأنصف شوقي، وجلى عبقريته، وكشف عن أدبه وفنه ومذهبه. دع عنك بعض هنوات قليلة لا تغض من قيمة هذا