للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من تراثنا الأدبي]

١ - أبو العيناء

بقلم محمود محمود خليل

أبو العيناء ونسبه

أبو العيناء كاتب منشئ من كتاب القرن الثالث الهجري الحافل بأساطين الأدب وجلة العلماء، ولكنه كاتب ضرير البصر من العباقرة الذين سجل لهم التاريخ الذكر الحسن، أمثال أبي العلاء المعري وبشار بن برد وأضرابهما، وكأن سنة الله قد جرت في الخلق أن يقترن فقد البصر بالنبوغ غالبا والعبقرية، ولن تجد لسنة الله تبديلا. وإذا كان القدر قد أتاح لشاعر المعرة فطاحل الكتاب والأدباء يدرسونه ويمحصونه، ويستخلصون فلسفته من شعره، فلا أقل من أن يدرس أبا العيناء الضرير شخص مثلي، وفي اعتقادي أن شخصية أبي العيناء جذابة فكهة كما سترى، وهي تفضل شاعر المعرة العبوس المتبرمة من هذه الناحية

يحدثنا الرواة أنا أبا العيناء اسمه أبو عبد الله محمد بن القاسم ابن خلاد بن ياسر بن سليمان، وأصل قومه من بني حنيفة من أهل اليمامة، ولحقهم سباء في خلافة المنصور العباسي، فلما صار ياسر في يد المنصور أعتقه، فهم موالي بني هاشم

مولده ونشأته

ولد أبو العيناء بالأهواز في آخر المائة الثانية للهجرة، ونشأ بالبصرة، وبها طلب الحديث وكسب الأدب؛ وكان على استعداد تام للحرص على كل ما يلقي عليه فأثمرت فيه تربيته بالبصرة الثمر الطيب، وأخرجته رجلا فذا في الحياة، مثقفا إلى درجة حسنة، ولقد هيأته تلك الثقافة إلى رواية الأخبار الطريفة، والملح اللطيفة، والأشعار الجيدة، حتى لقد بلغ الأمر أن يعرض عليه المتوكل العباسي أن يكون نديمه على شرابه، ويتمنى عليه لو يجيبه، فيمنعه عمى بصره عن الوصول إلى تلك المرتبة السنية، وإن كان قد حاز منزلة سامية من قلب المتوكل. ونرى الأصفهاني في كتابه الأغاني يجعله من رجال سنده في جملة أخبار أتى بها في كتابه، يقول في سند له: أخبرني قدامة عن أبي العيناء عن العتبي

<<  <  ج:
ص:  >  >>