تحتاج الدول إلى رجال، من أفذاذ أبنائها، ليعاونوا ولي الأمر فيها، على الاضطلاع بمسئوليتها، والقيام بأعباء الحكم فيها، على الاضطلاع بمسئوليتها، والقيام بأعباء الحكم فيها، وتنفيذ مشروعاتها الإصلاحية، والسهر على حياطتها، والعمل على الترفيه عنها، وإشاعة الأمن والعدل فيا، وراعية الدولة، وتثبيت أركانها، وتدعيم بناينها. ويختارون - عادة - ممن حصفت عقولهم، وصفت أذهانهم، وبلغوا من الثقافة الواسعة حداً متازاً، وأوتوا من الرأي صائبه، ومن النظر ثاقبه، ومن الحيلة نافذها، ومن الدعاء أوسعه - هذه مؤهلاتهم الأولى - وإن اشترطت مؤهلات ثانية في العصر الحديث - التي ترشحهم لأسمى منصب في بلادهم، وهو معونة السلطان على رعاية ملكه وشعبه.
ومن هؤلاء طبقة الوزراء. عرفتها الدول الإسلامية، منذ بنى بنو العباس ملكهم المجيد ودولتهم العتيدة. وقد كان الخليفة حينذاك هو الدولة. وكثير ما كان يلقى بأمور دولته إلى وزيره. ومن هنا كان الوزير - في الحق - هو الدولة، وأن كان المفروض أنه يسير في تصرفاته وفق مشيئة أميره. ومن هنا أيضاً كانت سيرة الوزير جزءاً هاماً من تاريخ عصره، بل ربما كان لعمل الوزير أثر فيما يلي عصره من العصور.
لهذا، كانت دراسة حياة وزراء الدولة، أمراً حيوياً ضرورياً لفهم حياتها واتجاهاتها وتصرفاتها. وتاريخهم من أبرز أجزاء تاريخ دولتهم. وهو يلقي أضواء وهاجة على حوادثها، ويكشف الخبيء من أحوالها، والمستتر المكنون من وقائعها. وذلك لمكانة الوزير من صاحب السلطان.
ومنصب الوزارة - عادة - من المناصب التي إليها تتواثب الآمال، ومن حولها تصطرع الرجال. يسعون للوصول إليها، ويجاهدون لاحتيازها. ولهذا تكثر حولها الدسائس والمؤامرات، وتنشط الشباك وألاحابيل. وهنا تتكشف الأخلاق والنفوس والنيات، وتشتد