للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المغامرات. ويتألف من هذا كله، قصص من قصص الحياة، ممتعة، فيها كثير من العضات والعبر.

ونقرأ كثير من أخبار وزراء الدول الإسلامية في كتب التاريخ العام، وفي كتب التراجم وكتب الأدب العربي، وهي كثيرة واسعة، غير إنها على رحابتها وامتداد آفاقها، مبعثرة متفرقة، تحتاج إلى مستوعب يستوعبها، ومؤلف يجمع شتاتها، وملائم يلم شعثها، ومنشيء يسبع على عرضها ثوباً جديداً من أساليب الإنشاء، ويضفي عليها من جميل رأيه، وحصيف نضرته، ما يوضح للقارئ خفي أمور فيها، وغامض الحوادث من بينها.

وقد فطن صديقي وزميلي الأستاذ النابه (محمد أحمد برانق) إلى ذلك كله، فوجه عناية محمودة إلى الدولة العباسية وهي الدولة الحافلة بحوادثها، الآهلة بعظيم الأمور. وهي أولى الدول الإسلامية التي جعلت (الوزارة) منصباً من أبرز مناصبها. حتى كاد الوزير سنيها أن يكون المهيمن على أقدارها، والموجه الفرد إلى مسالكها - فطن صديقي إلى ذلك، فأتخذ سير وزرائها وسيلة إلى دراسة تاريخها، وإلى دراسة هذا التاريخ في أعلى مكامنه وأغلق جهاته. وعنى بخاصة بعلاقات الوزراء بالخلفاء وقصورهم. وكشف الغطاء عن كثير مما يحاك في الخفاء، بعيداً عن الدهماء فكان الأستاذ في هذه الدراسة موفقاً ورشيداً.

وقد أصدر الأستاذ من كتابه الكبير (الوزراء العباسيون) الجزء الأول. وقد صدره بمقدمة حافلة واسعة المدى رحبة الأفق طاف فيها طوفة كبرى بالأمة العربية في جاهليتها، وأثبت كيانها السياسي. والاقتصادي. وعنى علي من يفرضونها أمة مغلقة الحدود ضئيلة الصلات بمن حولها من الأمم، تافهة النظم، محرومة من كل نشاط سياسي أو اقتصادي.

وقد دلل ذلك بأدلة كثيرة قاطعة، قذف بها في وجوه بعض المستشرقين ومن لف لفهم من أدباء الشرق، ممن يرمون العرب بالجهل والتفكك ونحو ذلك، في عصرهم الجاهلي،

وتحدث عن الملكة العربية ونظمها في عهد النبوة وما بعدها حتى جاءت الدولة العباسية، فاتخذ خلفائها لأنفسهم وزراء يعينونهم في شؤون دولتهم. وقد شرح المؤلف، كيف قامت الدولة العباسية، وركز حديثه بصفة خاصة في ثلاثة رجال من الأعاجم، وهبوا لها الرأي والنفس، حتى أقاموا عمودها ونشروا بنودها، وهم أبو مسلم الخرساني، وأبو مسلم الخلال، وخالد بن يرمك. وقص قصة كل رجل منهم وما لابس حياته من حوادث وأهوال، مشيراً

<<  <  ج:
ص:  >  >>