السليقية نسبة إلى السليقة: وهي السجية والطبيعة والطبع. واكثر ما تستعمل السليقة في الطبيعة الكلامية فإذا قالوا فلان يتكلم بالسليقة أرادوا أنه يتكلم أو يقرا بطبعه لاعن تعلم.
وتستعمل السليقة أحيانا في غير الكلام فيقال (الكرم سليقته والسخاء خليقته). أما إذا قالوا فلان سليقي بياء النسبة فلا يراد منه حين إذ إلا معنى نسبته إلى السليقة الكلامية وحدها، ويقال كلام سليقي. ويزداد معنى إرادة الكلام في لفظ (السليقة) إذا ألحقت بها ياء المصدرية. حتى إذا قالوا السليقية سجية فلان لم يعد يفهم منها إلا الطبع اللغوي الذي نشا عليه فلان في بيئته: قال الأزهري فإذا قرا البدوي بطبعه ولغته ولم يتبع سنة قراء الأمصار قيل هو يقرا بالسليقية أي بطبيعته وليس بتعليم. وفي حديث أبي الأسود الدؤلي أنه وضع علم النحو حين اضطرب كلام العرب وغلبت السليقية: قال صاحب اللسان في تفسير هذه السليقية إنها اللغة التي يسترسل فيها المتكلم على سليقته أي سجيته وطبيعته من غير تعمد إعراب ولا تجنب لحن.
ومن هنا نستنتج أن السليقية ما دامت لغة البيئة أي اللغة التي يسترسل فيها كل متكلم بطبعه - كانت السليقية ضربين (سليقية فصاحة)(وسليقية بذلة) وهي السليقية العامة. وإنما اخترت كلمة (البذلة) مشايعة للزمخشري فإنه استعملها في عبارة له كما سيأتي.
فسليقية الفصاحة أو السليقية الفصحى هي اللغة التي غلبت على لسان المتكلم باللغة البدوية: كالأعراب الذين ملكت الفصاحة ألسنتهم فلم يتطرق إليها الفساد: فهم لا يتكلمون بها إلا معربة واضحة المقاطع ومن دون أن يتكفلون الأعراب أو تجنب اللحن. واشهر شاهد على هذا الضرب من السليقية أعني السليقية الفصحى قول شاعر البادية
(ولست بنحوي يلوك لسانه ... ولكن سليقي أقول فأعرب)
والضرب الثاني من السليقية ما سميته (سليقية البذلة) وهي سليقية العربي العامي في لهجة التي غلبت على أهل مصر بعد انتشار الإسلام وقد مرت الإشارة إليها في حديث أبي الأسود مذ قالوا أنه وضع علم النحو (حين اضطرب الكلام. وغلبت السيلقية)