للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة النقد]

كتاب إحياء النحو

تأليف الأستاذ إبراهيم مصطفى

للأديب السيد عبد الهادي

تتمة

واصل الأستاذ بدوي نقده، في مقاله الثاني، لمعاني الإعراب وأخذ يناقش بعض الأمثلة الواردة في الكتاب دون اعتماد على نقل قديم أو سند من رأي. فبينا ترى الكتاب قد امتلأ بآراء أئمة النحو القدماء وبالنصوص القديمة الصحيحة مؤيدة بأسماء الكتب وأرقام الصفحات، وذلك شأن الباحث الحديث الذي لا يقطع صلته بالماضي ولكنه لا يقف عند حده، ترى نقد الأستاذ قد خلا منه تماماً؛ وخلو النقد من أمثال هذه النصوص والآراء يسقط قيمته ويحيله إلى مجادلات لفظية لا تغني عن الحق شيئاً.

ولعلي لا أجد بياناً أوفى ولا حجة أقطع فيما بيني وبين الأستاذ بدوي من خلاف حول معاني الإعراب إلا أن أقدم للقارئ الكريم صورة صحيحة دقيقة عن رأي المؤلف فيها، وإذ ذاك يستطيع القارئ بنفسه أن يحكم للكتاب أو عليه وأن يقدر فضل المؤلف ودقة نظره وأن يعرف إلى أي حد كان هذا النظر صحيحاً جديراً بأن يكون إحياء للنحو بكل ما في كلمة الإحياء من معنى.

فاللغة العربية لغة معربة أي تتغير حركات الحرف الأخير من كلماتها تبعاً لتغير التراكيب، وهذه أهم ظاهرة تلفت النظر في اللغة العربية، وقد كان العرب شديدي العناية بالإعراب، وكان حسهم به دقيقاً يقظاً؛ وقد قالوا: اللحن هجنة على الشريف. وقال عبد الملك بن مروان: شيبني ارتقاء المنابر وتوقع اللحن. هذا شأن حركات الإعراب ومنزلتها في اللغة العربية.

أما الحركات الأخرى التي ليست حركات إعراب وهي التي تكون في أوائل الكلمات أو في أوساطها فليست أقل شأناً في العربية من حركات الإعراب فإنها أداة للتفريق بين المعاني المختلفة، فهي تفرق بين اسم الفاعل والمفعول في مثل مكرَم ومكرِم، وبين فعل المعلوم

<<  <  ج:
ص:  >  >>